- آية بلا خلاف-.
قرأ حمزة وحده «سيكتب» بضم الياء. الباقون بالنون. ذكر الحسن و قتادة: أن الّذين نسبوا اللّه تعالي إلي الفقر و أنفسهم إلي الغناء و هم قوم من اليهود لما نزل قوله: (مَن ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللّهَ قَرضاً حَسَناً)[1] قالوا إنما يستقرض الفقير من الأغنياء، فهو فقير و نحن أغنياء، و القائل لذلك حي بن أخطب و فنحاص اليهودي.
و قال أبو علي الجبائي: هم قوم من اليهود، و انما قالوا ذلک من جهة ضيق الرزق.
و قيل: انهم قالوا ذلک تمويهاً علي ضعفائهم لا أنهم اعتقدوا أن اللّه فقير علي الحقيقة. و قيل: انهم عنوا بذلك إله محمّد ألذي يدعي أنه رسوله دون من يعتقدون هم أنه علي الحقيقة.
فان قيل: كيف الحكاية عنهم بأنهم قالوا ذلک، و إنما قالوه علي جهة الإلزام دون الاعتقاد! قلنا: لأنه إلزام باطل من حيث لا يوجبه الأصل ألذي الزموا عليه، لأنه إنما قال تعالي: «مَن ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللّهَ قَرضاً حَسَناً» علي وجه التلطف في الاستدعاء إلي الطاعة، و حقيقته أن منزلة ما ينفقون في وجوه البر كمنزلة القرض ألذي يرجع إليكم و يضاعف به الأجر لكم مع أنهم أخرجوا ذلک مخرج الاخبار عن الاعتقاد.
و في الآية دلالة علي أن الرضا بقبيح الفعل يجري مجراه في عظم الجرم، لأن اليهود الّذين وصفوا بقتل الأنبياء لم يتولوا ذلک في الحقيقة، و إنما ذموا به، لأنهم بمنزلة من تولاه في عظم الإثم. و قوله: (سَنَكتُبُ ما قالُوا) قيل في معناه قولان:
أحدهما- انه يكتب في صحائف أعمالهم، لأنه أظهر في الحجة عليهم و أجري ان يستحيوا من قراءة ما أثبت من فضائحهم- علي قول الجبائي-.