و قوله تعالي «يُنفِقُ كَيفَ يَشاءُ» معناه يعطي من شاء من عباده و يمنع من شاء منهم، لأنه متفضل بذلك و يفعل حسب ما تقتضيه المصلحة.
و قوله «وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنهُم ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ طُغياناً وَ كُفراً» أي و سيزدادون عند ذلک طغياناً و كفراً لأن القرآن لا يفعل شيئاً من ذلک، کما يقول القائل: و عظتك فكانت موعظتي و بالًا عليك. و ما زادتك إلا شراً أي انك ازددت عندها شراً. و ذلک مشهور في الاستعمال. و الطغيان هنا هو الغلو في الكفر.
أحدهما- إن المراد بذلك بين اليهود و النصاري علي ما قلناه في قوله «فَأَغرَينا بَينَهُمُ العَداوَةَ وَ البَغضاءَ»[2] هذا قول الحسن و مجاهد. و قد جري ذكرهم في قوله «لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَ النَّصاري أَولِياءَ»[3].
الثاني- ان الكناية راجعة علي اليهود خاصة. و المراد ما وقع بينهم من الخلاف بين الاشمعينية و العنانية و غيرهم من طوائف اليهود ذكره الرماني.
و بما ذا القي بينهم العداوة و البغضاء! قيل فيه قولان:
أحدهما- قال أبو علي بتعريف اليهود قبح مذهب النصاري في عبادة المسيح و بتعريف النصاري قبح مذهب اليهود في الكفر بالمسيح.