نصره إياكم علي الجبارين إن كنتم مؤمنين باللّه، و بما آتاكم به رسوله من عنده.
قالُوا يا مُوسي إِنّا لَن نَدخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذهَب أَنتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ (24)
آية بلا خلاف.
هذا إخبار عن قوم موسي أنهم قالوا: لا ندخل هذه المدينة ما دام الجبارون فيها، لأنهم جبنوا و خافوا من قتال الجبارين لعظم أجسامهم و شدة بطشهم، و لم يثقوا بوعد نبيهم بالنصر لهم عليهم و الغلبة لهم.
و قوله «فَاذهَب أَنتَ وَ رَبُّكَ» إنما أبرز الضمير ليصح العطف عليه، لأنه لا يجوز العطف علي الضمير قبل أن يؤكد. و إنما جاز في قوله «فَأَجمِعُوا أَمرَكُم وَ شُرَكاءَكُم»[1] ذلک، لأن ذكر المفعول صار عوضاً عن المنفصل مثل (لا) في «لَو شاءَ اللّهُ ما أَشرَكنا وَ لا آباؤُنا»[2] و إنما لم يقرن قوله «فَاذهَب أَنتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا» بالنكير- إذ الذهاب لا يجوز عليه تعالي- لأمرين:
أحدهما- لأن الكلام كله يدل علي الإنكار عليهم و التعجب من جهلهم في تلقيهم أمر نبيهم بالردِّ له و المخالفة عليه.
الثاني- لأنهم قالوا ذلک علي المجاز بمعني و ربك معين لك- علي ما ذكره البلخي- و الأول أقوي لأنه أظهر من أولئك الجهال. و إنما يتأول علي ما قاله البلخي لو كانوا ممن لا يجوز عليهم مثل ذلک. و قال الحسن: هذا القول منهم يدل علي أنهم كانوا مشبهة و أنهم كفروا بذلك باللّه. و قال أبو علي: إن كانوا قالوه علي وجه الذهاب من مكان الي مكان فهو كفر، لان