و في الآية دلالة علي وجوب النية في الوضوء، لأنه قال: إذا قمتم الي الصلاة فاغسلوا. و تقديره فاغسلوا للصلاة کما يقول القائل: إذا أردت لقاء عدوك، فخذ سلاحك بمعني فخذ سلاحك للقائه و لا يمكن أن يکون غاسلا هذه الأعضاء للصلاة إلا بنية. و قوله: «وَ إِن كُنتُم جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» معناه و ان أصابتكم جنابة و أردتم القيام الي الصلاة فاطهروا بالاغتسال.
و الجنابة تكون بشيئين.
أحدهما- بانزال الماء الدافق في النوم أو اليقظة. و علي کل حال بشهوة کان أو بغير شهوة.
و الآخر- بالتقاء الختانتين وحده غيبوبة الحشفة أنزل أو لم ينزل، و الجنب يقع علي الواحد و الجماعة و الاثنين، و المذكر و المؤنث مثل رجل عدل، و قوم عدل، و رجل زور و قوم زور، و نحو ذلک و هو بمنزلة المصدر قال الزجاج: تقديره ذو جنب. و يقال أجنب الرجل و جنب و اجتنب و الفعل الجنابة و قد حكي في جمعه أجناب و الأول أظهر.
و اصل الجنابة البعد قال علقمة:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة فاني امرؤ وسط القباب غريب
و قوله: «وَ إِن كُنتُم مَرضي أَو عَلي سَفَرٍ أَو جاءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الغائِطِ أَو لامَستُمُ النِّساءَ» معناه و ان كنتم مرضي يعني ان كنتم جرحي أو مجدرين أو مرضي يضر بكم استعمال الماء و كنتم جنباً أو علي غير وضوء قد بينا ذلک في سورة النساء و قوله: «أَو عَلي سَفَرٍ» معناه و إن كنتم مسافرين و أنتم جنباً و جاء أحد منكم من الغائط معناه أو جاء أحد منكم من الغائط قد قضي حاجته فيه، و هو مسافر أو لامستم النساء معناه أو جامعتم النساء و أنتم مسافرون. و قد بينا اختلاف الفقهاء في اللمس، و بينا أصح الأقوال في ذلک، فلا وجه لإعادته، فان قيل: ما معني
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 457