و قال النابغة الجعدي:
و لوح ذراعين في بركة الي جؤجؤ رهل المنكب
أراد مع حارك و مع رهل. و طعن الزجاج علي ذلک فقال: لو کان المراد بالي مع، لوجب غسل اليد إلي الكتف، لتناول الاسم له. و انما المراد بالي الغاية و الانتهاء، لكن المرافق يجب غسلها مع اليدين. و هذا ألذي ذكره ليس بصحيح، لأنا لو خلينا و ذلک، لقلنا بما قاله. لكن خرجنا بدليل. و دليلنا علي صحة ما قلناه: اجماع الامة علي أنه متي بدأ من المرافق کان وضوءه صحيحاً و إذا جعلت غاية ففيه الخلاف. و اختلف أهل التأويل في ذلک، فقال مالك بن أنس: يجب غسل اليدين إلي المرفقين، و لا يجب غسل المرفقين. و هو قول زفر. و قال الشافعي:
لا أعلم خلافاً في ان المرافق يجب غسلها. و قال الطبري: غسل المرفقين، و ما فوقهما مندوب اليه غير واجب. و انما اعتبرنا غسل المرافق، لإجماع الأمة علي أن من غسلهما صحت صلاته. و من لم يغسلهما، ففيه الخلاف. و المرافق جمع مرفق. و هو المكان ألذي يرتفق به، و يتكأ عليه علي المرفقة و غيرها.
و قوله: «وَ امسَحُوا بِرُؤُسِكُم» اختلفوا في صفة المسح، فقال قوم: يمسح منه ما يقع عليه اسم المسح، و هو مذهبنا. و به قال إبن عمر، و القاسم بن محمّد، و عبد الرحمن بن أبي ليلي، و ابراهيم و الشعبي و سفيان. و اختاره الشافعي و أصحابه و الطبري. و ذهب قوم إلي انه يجب مسح جميع الرأس ذهب اليه مالك. و قال ابو حنيفة، و ابو يوسف و محمّد: لا يجوز مسح الرأس باقل من ثلاثة أصابع. و عنه روايتان فيهما خلاف، ذكرناهما في الخلاف. و عندنا لا يجوز المسح إلا علي مقدم الرأس. و هو المروي عن إبن عمر و القاسم بن محمّد، و اختاره الطبري. و لم يعتبر احد من الفقهاء ذلک. و قالوا: أي موضع مسح أجزاه و إنما اعتبرنا المسح ببعض الرأس، لدخول الباء الموجبة، للتبعيض لان دخولها في الموضع ألذي يتعدي الفعل فيه بنفسه لا وجه له غير التبعيض و إلا کان لغوا. و حملها علي الزيادة لا يجوز مع