المشركين يهلون بعمرة. فقال المسلمون: يا رسول اللّه (ص) إنما هؤلاء مشركون، مثل هؤلاء دعنا نغير عليهم، فانزل اللّه تعالي الآية قال إبن عباس: ذلک في کل من توجه حاجا. و به قال الضحاك و الربيع بن انس.
و اجمعوا علي انه نسخ من حكم هذه الآية شيء إلا إبن جريج فانه قال:
لم ينسخ منها شيء، لأنه لا يجوز أن يبتدأ المشركون في أشهر الحرم بالقتال إلا إذا قاتلوا. و هو المروي عن أبي جعفر (ع)
و قال الشعبي: لم ينسخ من المائدة غير هذه الآية و قال أبو ميسرة: في المائدة ثمانية عشر فريضة ليس منها شيء منسوخ.
و اختلفوا فيما نسخ منه فقال بعضهم: نسخ جميعها ذهب إليه الشعبي و قال: لم ينسخ من المائدة غير هذه الآية لا تحلوا شعائر اللّه و لا الشهر الحرام، و لا الهدي، و لا القلائد. و به قال مجاهد: قال: نسخها قوله: «فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم» و به قال قتادة و الضحاك و حبيب بن أبي ثابت و إبن زيد. و قال آخرون: نسخ منها قوله: «و لا الشهر الحرام، أمين البيت الحرام» ذكر ذلک عن إبن أبي عروبة عن قتادة و قال: نسخها قوله: «فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم» و قوله: «ما كانَ لِلمُشرِكِينَ أَن يَعمُرُوا مَساجِدَ اللّهِ» و قوله: «إِنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرامَ الآية» في السنة الّتي نادي علي (عليه السلام) فيها بالأذان.
و به قال إبن عباس و قال قوم: لم ينسخ منه إلا القلائد. و روي ذلک عن إبن أبي بحيح عن مجاهد. و أقوي الأقوال قول من قال: نسخ منها «و لا الشهر الحرام و لا القلائد و لا أمين البيت الحرام» لإجماع الامة علي أنه (تعالي) أحل قتال أهل الشرك في أشهر الحرام و غيرها من شهور السنة. و اجمعوا أيضاً علي أن مشركا لو قلد لحا جميع أشجار الحرم عنقه او ذراعه، لم يكن ذلک أماناً له من القتل إذا لم يتقدم له أمان.