و قال الفراء
كانت عامة العرب لا تري الصفا و المروة من الشعائر، و لا يطوفون بهما، فنهاهم اللّه عن ذلک و هو قول أبي جعفر (عليه السلام) .
و قال قوم: معناه لا تحلوا ما حرم اللّه عليكم في إحرامكم. روي ذلک عن إبن عباس في رواية اخري.
و قال الجبائي الشعائر: العلامات المنصوبة للفرق بين الحل، و الحرم نهاهم اللّه أن يتجاوزها إلي مكة بغير إحرام. و قال الحسين بن علي المغربي: المعني لا تحلوا الهدايا المشعرة. و هو قول الزجاج و اختاره البلخي. و أقوي الأقوال قول عطا من أن معناه، لا تحلوا حرمات اللّه، و لا تضيعوا فرائضه لان الشعائر جمع شعيرة و هي. علي وزن فعلية، و اشتقاقها من قولهم: شعر فلان بهذا الامر: إذا علم به، فالشعائر المعالم من ذلک، و إذا کان كذلك، وجب حمل الآية علي عمومها، فيدخل فيه مناسك الحج، و تحريم ما حرم في الإحرام، و تضييع ما نهي عن تضييعه و استحلال حرمات اللّه، و غير ذلک من حدوده و فرائضه و حلاله و حرامه، لان کل ذلک من معالمه، فكان حمل الآية علي العموم اولي.
و قوله: «وَ لَا الشَّهرَ الحَرامَ» معناه و لا تستحلوا الشهر الحرام بقتالكم فيه أعداءكم من المشركين، کما قال: «يَسئَلُونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُل قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ» و هو قول إبن عباس و قتادة. و الشهر الحرام ألذي عناه اللّه ها هنا قال قوم:
هو رجب، و هو شهر كانت مضر تحرم فيه القتال. و قال قوم: هو ذو العقدة. ذكره عكرمة. و قال ابو علي الجبائي: هو أشهر الحرام كلها، نهاهم اللّه عن القتال فيها.
و هو أليق بالعموم. و به قال البلخي.
و قوله: «وَ لَا الهَديَ وَ لَا القَلائِدَ» فالهدي جمع واحدة هدية و أصله هدية و هو ما هداه الإنسان من بعير او بقرة أو شاة أو غير ذلک إلي بيت اللّه تقربا به إلي اللّه (تعالي) و طلباً لثوابه بقول اللّه: لا تستحلوا ذلک فتغصبوه أهله عليه، و لا تحولوا بينهم و بين ما اهدوا من ذلک إلي بيت اللّه ان يبلغوه محله من الحرم، و لكن