آيتان- هاتان الآيتان معطوفتان علي ما تقدم.
قال الزجاج: قوله: «فبظلم» بدل من قوله: (فَبِما نَقضِهِم مِيثاقَهُم) و العامل في الياء قوله: «حَرَّمنا عَلَيهِم طَيِّباتٍ» لما طال الكلام أجمل (تعالي) ما ذكره ها هنا في قوله: فبظلم و اخبر انه حرم علي اليهود الّذين نقضوا ميثاقهم الّذين واثقوا اللّه عليه، و كفروا بآياته، و قتلوا أنبياءه، و قالوا البهتان علي مريم و فعلوا ما فعلوا مما وصفه اللّه في كتابه طيبات من المأكل و غيرها، و كانت لهم حلالا، عقوبة لهم بظلمهم ألذي أخبر اللّه عنه لأنهم لما فعلوا ما فعلوا، اقتضت المصلحة تحريم هذه الأشياء عليهم. و هو قول مجاهد و اكثر المفسرين. و قوله: «وَ بِصَدِّهِم عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً» يعني بمنعهم عباد اللّه عن دينه و سبيله الّتي شرعها لعباده صداً كثيراً، و کان صدهم عن سبيل اللّه بقولهم علي اللّه الباطل، و ادعائهم ان ذلک عن اللّه.
و تبديلهم كتاب اللّه و تحريفهم معانيه عن وجوهه. و من أعظم ذلک جحدهم نبوة محمّد (ص) و تركهم بيان ما قد عملوا من أمره من جهل أمره من النّاس. و هو قول مجاهد و غيره. و قوله: «وَ أَخذِهِمُ الرِّبَوا» يعني علي رؤوس أموالهم بتأخيرهم له عن محله إلي محل آخر و قد نهوا عنه يعني عن الربا، و أكلهم اموال النّاس بالباطل يعني بغير استحقاق، و لا استيجاب. و هو ما كانوا يأخذونه من الرشا علي الأحكام، کما قال تعالي: «وَ أَكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسَ ما كانُوا يَعمَلُونَ» و منه ما كانوا يأخذونه من أثمان الكتب الّتي كانوا يكتبونها بأيديهم، و يقولون هذا من عند اللّه، و ما أشبه ذلک من المآكل الخسيسة الخبيثة، فعاقبهم اللّه تعالي علي جميع ذلک بتحريم ما حرم عليهم من الطيبات. و قوله: «وَ أَعتَدنا لِلكافِرِينَ مِنهُم عَذاباً» معناه و جعلنا للظالمين أنفسهم بكفرهم باللّه، و جحدهم رسوله محمّد (صلي اللّه عليه و آله) من هؤلاء اليهود العذاب الأليم. و هو المؤلم الموجع يصلونها في الاخرة عدة لهم. قال ابو علي: حرم اللّه (تعالي) هذه الطيبات علي الظالمين منهم عقوبة لهم علي ظلمهم و من لم يكن ظالماً منهم نسخة منهم اما علي لسان عيسي أو علي لسان محمّد (ص)