اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 306
من أرض الشرك فاراً بدينه إلي اللّه و رسوله و أدركه الموت قبل بلوغه دار الهجرة و أرض الإسلام «فَقَد وَقَعَ أَجرُهُ عَلَي اللّهِ» يعني ثواب عمله و جزاء هجرته عليه تعالي «وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً» يعني ساتراً علي عباده ذنوبهم بالعفو عنهم «رحيماً» بهم رفيقاً.
النزول:
و قيل في سبب نزول الآية ان اللّه لما أنزل ان الّذين «تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أَنفُسِهِم» كتب المسلمون بالآيات و بعثوها إلي إخوانهم من أهل مكة فخرج حينئذ منها جماعة، فقالوا: لم يبق لنا عذر فهاجروا. و قال سعيد بن جبير و عكرمة و الضحاك و السدي و إبن زيد و إبن عباس
و رواه أبو الجارود عن أبي جعفر (ع) أنها نزلت في ضمرة بن العيص بن ضمرة بن زنباع أو العيص بن ضمرة و کان مريضاً فأمر أهله أن يفرشوا له علي سريرة و يحملوه إلي رسول اللّه (ص) قال ففعلوا فأتاه الموت بالتغيم، فنزلت فيه الآية.
و به قال قتادة و قال: قال ضمرة و أنا أعرف الطريق و لي سعة في المال أخرجوني فأخرج، فمات. و قال عمر بن شبة: هو أبو أمية ضمرة بن جندب الخزاعي. و قال الزبير بن بكار: هو خالد بن حزام أخو حكيم بن حزام خرج مهاجراً فمات في الطريق. قال عكرمة و خرج جماعة من مكة مهاجرين فلحقهم المشركون و فتنوهم عن دينهم فافتتنوا، فأنزل اللّه فيهم «وَ مِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ»[1] و كتب بها المسلمون من المدينة إليهم ثم نزل فيهم «ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِن بَعدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ».