responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 3  صفحة : 296

‌من‌ استحق‌ ‌عليه‌ القود، ‌أو‌ حد ‌من‌ الحدود ‌إن‌ جزاء ‌هذا‌ ‌أن‌ يقتل‌، ‌أو‌ يقام‌ ‌عليه‌ الحد. و ‌لو‌ ‌کان‌ الامر ‌علي‌ ‌ما قالوه‌، لوجب‌ ألا ‌يکون‌ الخلود ‌في‌ النار جزاء للكفار، لأنه‌ ‌لم‌ يقع‌ ‌بعد‌، و ‌لا‌ يصح‌ ‌أن‌ يقع‌، لأن‌ ‌ما يوجد ‌منه‌ ‌لا‌ ‌يکون‌ ‌إلا‌ متناهياً و انما ‌لم‌ يقل‌ ‌في‌ الدراهم‌، إنها جزاء لعمله‌، لأن‌ ‌ما يستحقه‌ الأجير ‌في‌ الذمة ‌لا‌ يتعين‌ ‌في‌ دراهم‌ معينة. و للمستأجر ‌أن‌ يعطيه‌ منها، و ‌من‌ غيرها. فلذلك‌ ‌لم‌ توصف‌ ‌هذه‌ المعينة بأنها جزاء للعمل‌، ‌ثم‌ لنا ‌أن‌ نعارض‌ بآيات‌ الغفران‌، كقوله‌: «إِن‌َّ اللّه‌َ لا يَغفِرُ أَن‌ يُشرَك‌َ بِه‌ِ وَ يَغفِرُ ما دُون‌َ ذلِك‌َ لِمَن‌ يَشاءُ»[1] و ‌قوله‌: «إِن‌َّ اللّه‌َ يَغفِرُ الذُّنُوب‌َ جَمِيعاً»[2] و ‌قوله‌: «وَ إِن‌َّ رَبَّك‌َ لَذُو مَغفِرَةٍ لِلنّاس‌ِ عَلي‌ ظُلمِهِم‌»[3].

و ‌إذا‌ تعارضا، وقفا و بقينا ‌علي‌ جواز العفو عقلا. و ‌قال‌ الجبائي‌ و البلخي‌: ‌الآية‌ نزلت‌ ‌في‌ أهل‌ الصلاة. لأنه‌ ‌تعالي‌ ‌بين‌ ‌في‌ ‌الآية‌ الأولي‌ حكم‌ قتل‌ الخطأ ‌من‌ الدية، و الكفارة. و ‌ذلک‌ يختص‌ أهل‌ الصلاة، ‌ثم‌ عقب‌ ‌ذلک‌ بذكر قتل‌ العمد منهم‌. و ‌هذا‌ ليس‌ بصحيح‌، لأن‌ لزوم‌ الدية ‌في‌ الخطأ يتناول‌ المسلم‌، و المعاهد. و أما الكفارات‌ فان‌ عندنا تلزمهم‌ أيضاً لأنهم‌ متعبدون‌ بالشرائع‌. و ‌لو‌ سلمنا ‌ان‌ ‌الآية‌ الاولي‌ تختص‌ المسلمين‌، ‌لم‌ يلزم‌ ‌ان‌ تختص‌ الثانية بهم‌، بل‌ ‌لا‌ يمتنع‌ ‌ان‌ يراد بها الكفار ‌علي‌ وجه‌ الخصوص‌ ‌أو‌ الكفار، و المسلمين‌ ‌علي‌ وجه‌ العموم‌. ‌غير‌ انا ‌قد‌ علمنا انه‌ ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يراد بها ‌من‌ ‌هو‌ مستحق‌ الثواب‌، لأن‌ الثواب‌ دائم‌. و ‌لا‌ يجوز ‌مع‌ ‌ذلک‌ ‌أن‌ يستحق‌ العقاب‌ الدائم‌ ‌مع‌ ثبوت‌ بطلان‌ الإحباط، لإجماع‌ ‌الآية‌ ‌علي‌ خلافه‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ النساء (4): آية 94]

يا أَيُّهَا الَّذِين‌َ آمَنُوا إِذا ضَرَبتُم‌ فِي‌ سَبِيل‌ِ اللّه‌ِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَن‌ أَلقي‌ إِلَيكُم‌ُ السَّلام‌َ لَست‌َ مُؤمِناً تَبتَغُون‌َ عَرَض‌َ الحَياةِ الدُّنيا فَعِندَ اللّه‌ِ مَغانِم‌ُ كَثِيرَةٌ كَذلِك‌َ كُنتُم‌ مِن‌ قَبل‌ُ فَمَن‌َّ اللّه‌ُ عَلَيكُم‌ فَتَبَيَّنُوا إِن‌َّ اللّه‌َ كان‌َ بِما تَعمَلُون‌َ خَبِيراً (94)


[1]‌-‌ ‌سورة‌ النساء: آية 47‌-‌ 115.
[2]‌-‌ ‌سورة‌ الزمر: آية 53.
[3]‌-‌ ‌سورة‌ الرعد: آية 7 و ‌سورة‌ حم‌ السجدة: آية 43.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 3  صفحة : 296
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست