و الأجر العظيم هو أعلي أثمان العمل. و ذلک أن ثمن العمل علي ثلاثة أوجه. ثمن أعلي، و ثمن أدني، و ثمن أوسط بينهما فاللّه تعالي يثامن عليه بالثمن الأعظم الأعلي، فلذلك حسن وصف الأجر بالعظم من غير تقييد له، إذ کان لا ثمن أعظم مما يثامن اللّه عليه في ذلک العمل.
وَ ما لَكُم لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ المُستَضعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الوِلدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخرِجنا مِن هذِهِ القَريَةِ الظّالِمِ أَهلُها وَ اجعَل لَنا مِن لَدُنكَ وَلِيًّا وَ اجعَل لَنا مِن لَدُنكَ نَصِيراً (75)
- آية-
معني قوله: «و ما لكم» أي شيء لكم. و «لا تُقاتِلُونَ» في موضع الحال كأنه قال: أي شيء لكم تاركين، أي في حال ترك القتال مع هذه الأمور الّتي تقتضي الحرص علي الجهاد، أي لا عذر لكم ألا تقاتلوا في سبيل اللّه، و مثله قوله: «فَما لَهُم عَنِ التَّذكِرَةِ مُعرِضِينَ»[1] و قوله: «وَ المُستَضعَفِينَ» خفض بالعطف علي ما عملت فيه (في) و تقديره في المستضعفين. و قيل في معناه قولان:
أحدهما- و عن المستضعفين، فوقع (في) موقع (عن) فإذا ذكرت (عن) فلصرف الأذي عنهم إذ كانت لما عدا الشيء و إذا ذكرت (في) فلأن القتال مضمن بهم، لخلاصهم، إذا كانت في للوعاء.
الثاني- ان يکون علي محذوف، و تقديره و في إعزاز المستضعفين، و قد قال المبرد: هو عطف علي اسم اللّه بتقدير، و سبيل المستضعفين «مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الوِلدانِ».