responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 3  صفحة : 203

‌بما‌ يصيرون‌ إليه‌ ‌من‌ العذاب‌ و الخلود ‌في‌ النار‌-‌ أنهم‌ لن‌ يبعثوا ‌أو‌ أنهم‌ كانوا و ‌الإرض‌ سواء. و روي‌ ‌في‌ التفسير ‌أن‌ البهائم‌ يوم القيامة تصير ترابا، فيتمني‌ عند ‌ذلک‌ الكفار أنهم‌ صاروا كذلك‌ ترابا، و ‌هذا‌ ‌لا‌ يجيزه‌ ‌إلا‌ ‌من‌ ‌قال‌: ‌إن‌ العوض‌ منقطع‌، فأما ‌من‌ ‌قال‌: ‌هو‌ دائم‌ ‌لم‌ يصحح‌ ‌هذا‌ الخبر. و ‌قوله‌: «وَ عَصَوُا الرَّسُول‌َ» ضموا الواو لأنها واو الجمع‌، و حركت‌ لالتقاء الساكنين‌. و ‌قوله‌: «‌لو‌ استطعنا» كسرت‌ ‌علي‌ أصل‌ الحركة، لالتقاء الساكنين‌. و إنما وجب‌ لواو الجمع‌ الضم‌ لأنها ‌لما‌ منعت‌ ‌ما لها ‌من‌ ضم‌ ‌ما قبلها، جعلت‌ الضمة عند الحاجة ‌إلي‌ حركتها ‌فيها‌. و العامل‌ ‌في‌ «يومئذ» «يود ‌الّذين‌» و إنما عمل‌ ‌في‌ (يومئذ) ‌ما ‌بعد‌ (إذ) و ‌لم‌ يجز مثل‌ ‌ذلک‌ ‌في‌ «إِذا جِئنا مِن‌ كُل‌ِّ أُمَّةٍ» لأنه‌ ‌لما‌ أضيف‌ (يوم) ‌إلي‌ (إذ) بطلت‌ إضافته‌ ‌إلي‌ الجملة، و جاء التنوين‌ ليدل‌ ‌علي‌ تمام‌ الاسم‌. يبين‌ ‌ذلک‌ ‌قوله‌: «مِن‌ عَذاب‌ِ يَومِئِذٍ بِبَنِيه‌ِ»[1].

و ‌قوله‌: «وَ لا يَكتُمُون‌َ اللّه‌َ حَدِيثاً» ‌لا‌ ينافي‌ ‌قوله‌: «وَ اللّه‌ِ رَبِّنا ما كُنّا مُشرِكِين‌َ»[2] لأنه‌ ‌قيل‌ ‌في‌ معني‌ ‌الآية‌ سبعة أقوال‌:

أحدها‌-‌ ‌قال‌ الحسن‌ ‌إن‌ الآخرة مواطن‌، فموطن‌ «فَلا تَسمَع‌ُ إِلّا هَمساً»[3] ‌ أي ‌ صوتاً خفياً، و موطن‌ يكذبون‌ فيقولون‌: «ما كُنّا نَعمَل‌ُ مِن‌ سُوءٍ»[4] «وَ اللّه‌ِ رَبِّنا ما كُنّا مُشرِكِين‌َ» و موطن‌ يعترفون‌ بالخطإ بأن‌ يسألوا اللّه‌ ‌أن‌ يردهم‌ ‌إلي‌ دار الدنيا.

الثاني‌-‌ ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌: ‌إن‌ ‌قوله‌: «وَ لا يَكتُمُون‌َ اللّه‌َ حَدِيثاً» داخل‌ ‌في‌ التمني‌ ‌بعد‌ ‌ما نطقت‌ جوارحهم‌ بفضيحتهم‌، فكأنهم‌ ‌لما‌ رأوا المؤمنين‌ دخلوا الجنة كتموا فقالوا: «وَ اللّه‌ِ رَبِّنا ما كُنّا مُشرِكِين‌َ» فختم‌ اللّه‌ أفواههم‌، و أنطق‌ جوارحهم‌ ‌بما‌ فعلوه‌، فحينئذ تمنوا ‌أن‌ يكونوا «تُسَوّي‌ بِهِم‌ُ الأَرض‌ُ وَ لا يَكتُمُون‌َ اللّه‌َ حَدِيثاً» فتمنوا الأمرين‌ و ‌قال‌ الفراء: تقديره‌: يومئذ يود ‌الّذين‌ كفروا


[1] ‌سورة‌ المعارج‌: آية 12.
[2] ‌سورة‌ الانعام‌: آية 23.
[3] ‌سورة‌ طه‌: آية 108.
[4] ‌سورة‌ النمل‌: آية 28.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 3  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست