و قال غيره: هو اسم في موضع المصدر، كقولك قسما واجباً، و فرضاً لازماً، و لو کان اسماً ليس فيه معني المصدر، لم يجز قولك: عندي حق درهماً، و يجوز: لك عندي درهم هبة مفترضة[1] و أصل الفرض الثبوت، و الفرض: الحز في سية القوس حيث يثبت الوتر، و الفرض: ما أثبته علي نفسك من هبة أو صلة، و الفرض: إيجاب اللّه عز و جل علي العبد ما يلزمه فعله لإثباته عليه، و الفرض:
جند يفترضون، و الفرض: ما أعطيت من غير قرض، لثبوت تمليكه، و الفرض:
ضرب من التمر. و الفارض المسنة، و الفرضة: حيث ترمي[2] السفن من النهر و کل ضخم فارض، و الفرق بين الفرض و الوجوب أن الفرض هو الإيجاب، غير أن الفرض يقتضي فارضاً فرضه، و ليس كذلك الواجب لأنه قد يجب الشيء في نفسه من غير إيجاب موجب، و لذلك صح وجوب الثواب و العوض علي اللّه تعالي، و لم يجز فرضه عليه. و أصل الوجوب الوقوع، يقال: وجب الحائط وجوباً فهو واجب، إذا وقع، و سمعت وجبة أي وقعة كالهدة، و منه «وَجَبَت جُنُوبُها»[3] أي وقعت لجنوبها، و وجب الحق وجوبا، إذا وقع سببه، كوجوب رد الوديعة، و قضاء الدين، و وجوب شكر المنعم، و وجوب الأجر، و إنجاز الوعد، و وجب القلب وجيباً إذا خفق من فزع وقعة كالهدة.
و في الآية دليل علي بطلان القول بالعصبة، لأن اللّه تعالي فرض الميراث للرجال و النساء، فلو جاز أن يقال: النساء لا يرثن في موضع، لجاز لآخرين أن يقولوا: و الرجال لا يرثون، و الخبر المدعي في العصبة خبر واحد، لا يترك له عموم القرآن، لأنه معلوم، و الخبر مظنون، و قد بينا ضعف الخبر في كتاب تهذيب الأحكام، فمن أراده وقف عليه من هناك.
و في الآية أيضاً دلالة علي أن الأنبياء يورثون، لأنه تعالي عم الميراث للرجال و النساء، و لم يخص، نبياً من غيره، و کما لا يجوز أن يقال: النبي لا يرث،