للفائدة، فلما انتفي علي جهة الحرمان للفائدة، دلّ علي الغضب، و لا يدخل في ذلک الكلام للغم و الإيلام.
و قوله: «وَ لا يُزَكِّيهِم» معناه لا يبني عليهم، و لا يصفهم بأنهم أزكياء.
و يحتمل أن يکون المراد لا يتقبل أعمالهم تقبل أعمال الأزكياء.
و الاشتراء هو الاستبدال بالثمن العوض، فلما كانوا هؤلاء استبدلوا بذنبهم الثمن القليل، قيل فيهم: إنهم اشتروا به ثمناً قليلا. و الثمن هو العوض من العين، و الورق و القلة هو نقصان المقدار عن مقدار غيره، لأنه يقال: هو قليل بالاضافة الي ما هو أكثر منه، و كثير بالاضافة الي ما هو أقل منه.
و الكلام ما انتظم من حرفين فصاعداً من هذه الحروف المعقولة: إذا وقع ممن يصح منه أو من قبيله للافادة و قال الرماني: الكلام ما کان من الحروف دالّا بتأليفه علي معني، قال و أصله من الآثار و هي كالعلامات الدالة، و الكلم أي الجراح.
و ما ذكرناه أولي، لأن هذا ينتقض بالمهمل من الكلام، فانه لا يفيد و هو كلام حقيقة.
أُولئِكَ الَّذِينَ اشتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدي وَ العَذابَ بِالمَغفِرَةِ فَما أَصبَرَهُم عَلَي النّارِ (175)
آية واحدة بلا خلاف.
معني «اشتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدي» استبدلوا، لأن أصل الشراء الاستبدال، و ليس يقع في مثله إشكال، فأما قولهم: استبدل بالجارية غيرها، فلا يجوز أن يقال بدلًا منه: اشتري، لأنه يلتبس. و الضلالة الّتي اشتروها بالهدي: كفرهم بالنبي (ص) و جحدهم لنبوته استبدلوه بالايمان به، و هم و إن لم يقصدوا أن يضلوا بدلا من أن يهتدوا فقد قصدوا الكفر بالنبي (ص) بدلا من الايمان به، و ذلک ضلال