هذه الآية نزلت في وصف ما من اللّه تعالي علي المؤمنين من النصر و الامداد بالملائكة و ظفر المؤمنين بالمشركين مع قلة المؤمنين و قوة المشركين. فانه روي عن إبن عباس (ره) أنه قال کان المهاجرون يوم بدر سبعة و سبعين رجلا و الأنصار مائتين و ستة و ثلاثين رجلا الجميع ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا. و کان المشركون نحواً من ألف رجل.
و بدر ما بين مكة و المدينة و قال الشعبي سمي بدراً لأن هناك ماء لرجل يسمي بدراً، فسمي الموضع باسم صاحبه. و قال الواقدي عن شيوخه إنما هو اسم للموضع کما يسمي کل بلد باسم يخصه من غير أن ينقل إليه اسم صاحبه.
و قوله: «وَ أَنتُم أَذِلَّةٌ» جملة في موضع الحال. و الذلة الضعف عن المقاومة، و ضدها العزة، و هي القوة علي الغلبة، و يقال للجمل المنقاد من غير صعوبة: ذلول لانقياده انقياد الضعيف، فأما الذليل فإنما ينقاد علي مشقة. و منه تذليل الطريق، و نحوه، و هو توطئة الأصل. و فيه الضعف عن المقاومة. و قوله: «أذلة» جمع ذليل و فعيل قياسه أن يجمع علي فعلاء إذا کان صفة، مثل ظريف و ظرفاء، و كريم و كرماء، و عليم و علماء، و شريك و شركاء، فجمع علي أفعلة كراهية التضعيف، فعدل إلي جمع الأسماء نحو قفيز و أقفزة، فقيل ذليل و أذلة و عزيز و أعزة.
المعني:
و وصفهم اللّه بأنهم أذلة لأنهم كانوا ضعفاء قليلي العدد قليلي العدة. و روي عن بعض السلف الصالح أنه قرأ «و أنتم ضعفاء» قال و لا يجوز وصفهم بأنهم أذلة،
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 578