آية بلا خلاف.
قيل في المعني بهذه الآية أربعة أقوال:
أحدها- قال إبن عباس هي فرقة ارتدت ثم عزمت علي إظهار التوبة علي جهة التورية، فاطلع اللّه نبيه علي ذلک بانزال هذه الآية. و قال أبو العالية لم تقبل توبتهم من ذنوب أصابوها مع الاقامة علي كفرهم. و قال قتادة: هم اليهود آمنوا بموسي و كفروا بعيسي «ثُمَّ ازدادُوا كُفراً» بمحمد (ص) «لَن تُقبَلَ تَوبَتُهُم» عند حضور موتهم. و قال الحسن: هم اليهود و النصاري كفروا بالنبي (ص) «لَن تُقبَلَ تَوبَتُهُم» الّتي كانت في حال إيمانهم، فان قيل: لمَ لم تقبل التوبة من هذه الفرقة! قيل: لأنها كفرت بعد إيمانها ثم ازدادت كفراً إلي انقضاء أجلها، فحصلت علي ضلالتها، فلم تقبل منها التوبة الاولي في حال كفرها بعد إيمانها، و لا التوبة الثانية في حال إيجابها. و قيل: إنما لم تقبل توبتهم، لأنهم لم يكونوا فيها مخلصين بدلالة قوله: «وَ أُولئِكَ هُمُ الضّالُّونَ». و قال الطبري: إنه لا يجوز تأويل من قال لن تقبل توبتهم عند حضور موتهم. قال: لأنه لا خلاف بين الأمة أن الكافر إذا أسلم قبل موته بطرفة عين في أن حكمه حكم المسلمين في وجوب الصلاة عليه و مواريثه و دفنه في مقام المسلمين و اجراء جميع أحكام الإسلام عليه، و لو کان إسلامه غير صحيح، لما جاز ذلک. و هذا ألذي قاله ليس بصحيح، لأنه لا يمتنع أن نتعبد بإجراء احكام الإسلام عليه و ان کان إسلامه علي وجه من الإلجاء لا يثبت معه استحقاق الثواب عليه، کما أنا تعبدنا بإجراء أحكام الإسلام علي المنافقين و إن كانوا كفاراً. و إنما لم يجز قبول التوبة في حال الإلجاء إليه، لأن فعل الملجأ كفعل المكره في سقوط الحمد و الذم. و قد قال اللّه تعالي: «وَ لَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّي إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنِّي تُبتُ الآنَ»[1]. و قال: