فلا يتوجه إليه الوعيد بالخلود، لأنه لا يستحق إلا عقاباً منقطعاً به مع ثبوت استحقاقه للثواب الدائم، لأنه لو کان كذلك لأدي إلي اجتماع استحقاق الثواب الدائم، و العقاب الدائم لشخص واحد. و الإجماع بخلافه. و الإحباط- عندنا- باطل، فلا يمكن أن يقال يحبط أحدهما الآخر، و إنما حسن العقاب الدائم علي المعاصي المنقطعة، کما حسن الثواب الدائم علي الطاعة المنقطعة، فلا يجوز أن يستحق الدوام علي الأصغر، و لا يستحق علي الأكثر، فلما كانت نعم اللّه تعالي أعظم النعم كانت معاصيه أعظم المعاصي، و كانت طاعته أصغر منها. و أيضاً، فانه يحسن الذم للدائم علي المعاصي المنقطعة فالعقاب يجري مجراه.
و قوله: «لا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذابُ» فالتخفيف هو تغيير الشيء عن حال الصعوبة إلي السهولة، و هو تسهيل لما فيه كلفة و مشقة و أصله من خفة الجسم ضد ثقله. و منه تخفيف المحنة معناه تسهيلها. و قوله: «وَ لا هُم يُنظَرُونَ» معناه لا يمهلون و إنما نفي إنظارهم للانابة لما علم من حالهم أنهم لا ينيبون کما قال: «وَ لَو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنهُ»[1] علي أن التبقية ليست واجبة. و إن علم أنه لو بقاه لتاب و أناب عند أكثر المتكلمين. و من قال يجب تبقيته متي علم أنه لو بقاه لآمن، فجوابه هو الأول. و قيل في الفرق بين الانظار و الامهال أن الانظار تأخير العبد لينظر في أمره. و الامهال تأخيره لتسهيل ما يتكلفه من عمله.
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِن بَعدِ ذلِكَ وَ أَصلَحُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89)
آية.