النهار و الرجوع عنه في آخره لتشكيك النّاس فيه.
الثالث- بالايمان بموسي، و عيسي، و الكفر بمحمد (ص).
و الحق ألذي كتموه- في قول الحسن، و غيره من المفسرين-: هو ما وجدوه من صفة النبي (ص) و البشارة به في كتبهم علي وجه العناد من علمائهم.
و قوله: «وَ أَنتُم تَعلَمُونَ» فيه حذف و تقديره و أنتم تعلمون الحق، لأن التقريع قد دل علي أنهم كتموا الحق و هم يعلمون أنه حق. و لو كتموه و هم لا يعلمون أنه حق لم يلائم معني التقريع ألذي دل علي أنهم كتموا الحق و هم يعلمون أنه حق و لم يلائم معني التقريع ألذي دل عليه الكلام. و قيل أيضاً: و أنتم تعلمون الأمور الّتي يصح بها التكليف. و الأول أصح، لما بيناه من الذم علي الكتمان.
فان قيل: إذا كانوا يعلمون الحق في الدين، فقد صح كونهم معاندين فلم ينكر مذهب أصحاب المعارف الّذين يقولون أن کل كافر معاند! قلنا: هذا في قوم مخصوصين يجوز علي مثلهم الكتمان، فأما الخلق الكثير، فلا يصح ذلک منهم، کما يجوز الكتمان علي القليل، و لا يجوز علي الكثير فيما طريقه الاخبار.
علي أن في الآية ما يدل علي فساد قول أصحاب المعارف. و هو الاخبار بأنهم كتموا الحق ألذي علموا، فلو اشترك النّاس فيه، لما صح الكتمان کما لا يصح في ما يعلمونه من المشاهدات و الضروريات، لاشتراكهم في العلم به. و قوله: (وَ تَكتُمُونَ الحَقَّ) رفع، لأنه معطوف علي قوله: «تلبسون» و کان يجوز النصب، فتقول:
و تكتموا الحق علي الصرف، کما لو قلت لم تقوم و تقعد کان جائزاً أي لم تجمع الفعلين و أنت مستغن بأحدهما عن الآخر.
وَ قالَت طائِفَةٌ مِن أَهلِ الكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَي الَّذِينَ آمَنُوا وَجهَ النَّهارِ وَ اكفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ (72)
آية