في ترتيب الفعل، فأما التمني، فهو تقدير شيء في النفس يستمتع بتقريره. و الفرق بين ودّ لو يضله، و بين ود أن يضله: أن (أن) للاستقبال و ليس كذلك (لو) و قوله: (لو يضلونكم) فالاضلال: الإهلاك بالدخول في الضلال. و أصل الضلال الهلاك من قوله: «أَ إِذا ضَلَلنا فِي الأَرضِ»[1] أي هلكنا.
و قوله: «وَ ما يُضِلُّونَ إِلّا أَنفُسَهُم» قيل فيه قولان:
أحدهما- أن المؤمنين لا يقبلون ما يدعونهم إليه من ترك الإسلام إلي غيره من الأديان فيحصل عليهم حينئذ الإثم و الوبال، و الاستدعاء إلي الضلال.
و الثاني- «وَ ما يُضِلُّونَ إِلّا أَنفُسَهُم» بفعل الضلال کما يقال ما أهلك إلا نفسه أي لا يعتد بهلاك غيره في عظم هلاكه.
و الفرق بين أضله عن الطريق و بين أخرجه عن الطريق: أن أضله عنه يکون بالاستدعاء إلي غيره دون فعل الضلال. و أخرجه عنه قد يکون بفعل الخروج منه.
و الفرق بين الإضلال و الاستدعاء إلي الضلال أن الإضلال لا يکون إلا إذا قبل المدعو، فأما الاستدعاء إلي الضلال، فيكون، قبل المدعو أم لم يقبل. و حقيقة الإضلال: الدعاء إلي الضلال ألذي يقبله المدعو. و قال بعضهم: إنه لا يصح إضلال أحد بغيره. و إنما يقال ذلک علي وجه المجاز ذهب إلي أنه يفعل فعل الضلال في غيره، لأنه لا يوصف بأنه مضل لغيره إلا إذا أضل المدعو باغوائه. قال الرماني:
و هذا غير صحيح، لأنه يذم بالاستدعاء إلي الضلال ألذي يقبله المدعو أكثر مما يذم بالاستدعاء إلي الضلال ألذي لا يقبله المدعو، فلذلك فرق بين الاستدعاءين فوصف أحدهما بالإضلال و لم يوصف الآخر.