[1] فان قيل: كيف يجوز إضافة اللعن إلي ما لا يعقل من البهيمة و الجماد!
قيل: لامرين أحدهما- لما فيه من الآية الّتي تدعوا الي لعن من عمل بمعصية اللّه.
و الثاني- أن تكون البهائم تقول علي جهة الإلهام لما فيه من الاعتبار.
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَ أَصلَحُوا وَ بَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيهِم وَ أَنَا التَّوّابُ الرَّحِيمُ (160)
آية بلا خلاف.
استثني اللّه تعالي في هذه الآية من جملة الّذين يستحقون اللعنة من تاب، و أصلح، و بين. و اختلفوا في معني «بينوا» فقال أكثر المفسرين، كقتادة، و إبن زيد، و البلخي، و الجبائي، و الرماني: إنهم بينوا ما كتموه من البشارة بالنبي (ص)، و قال بعضهم: بينوا التوبة، و إصلاح السريرة بالإظهار لذلك. و إنما شرط مع التوبة الإصلاح، و البيان ليرتفع الإيهام بأن التوبة مما سلف من الكتمان يكفي في إيجاب الثواب.
و معني قوله تعالي (أَتُوبُ عَلَيهِم) أقبل توبتهم. و الأصل في أتوب أفعل التوبة إلا أنه لما وصل بحرف الاضافة دل علي ان معناه أقبل التوبة، و إنما کان لفظه مشتركا بين فاعل التوبة، و القابل لها، للترغيب في صفة التوبة إذ وصف بها القابل لها، و هو اللّه و ذلک من إنعام علي عباده، لئلا يتوهم بما فيها من الدلالة علي مقارفة الذنب أن الوصف بها عيب، فلذلك جعلت في أعلا صفات المدح، و التوبة هي الندم ألذي يقع موقع التنصل من الشيء و ذلک بالتحسر علي موافقته، و العزم علي ترك معاودته إن أمكنت المعاودة. و اعتبر قوم المعاودة الي مثله في القبح. و هو الأقوي. لإجماع الامة علي سقوط العقاب عندها، و ما عداها فمختلف فيه، فان قيل: ما الفائدة في هذا الاخبار، و قد