responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 2  صفحة : 48

[1] فان‌ ‌قيل‌: كيف‌ يجوز إضافة اللعن‌ ‌إلي‌ ‌ما ‌لا‌ يعقل‌ ‌من‌ البهيمة و الجماد!

‌قيل‌: لامرين‌ أحدهما‌-‌ ‌لما‌ ‌فيه‌ ‌من‌ ‌الآية‌ ‌الّتي‌ تدعوا ‌الي‌ لعن‌ ‌من‌ عمل‌ بمعصية اللّه‌.

و الثاني‌-‌ ‌أن‌ تكون‌ البهائم‌ تقول‌ ‌علي‌ جهة الإلهام‌ ‌لما‌ ‌فيه‌ ‌من‌ الاعتبار.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ البقرة (2): آية 160]

إِلاَّ الَّذِين‌َ تابُوا وَ أَصلَحُوا وَ بَيَّنُوا فَأُولئِك‌َ أَتُوب‌ُ عَلَيهِم‌ وَ أَنَا التَّوّاب‌ُ الرَّحِيم‌ُ (160)

آية بلا خلاف‌.

المعني‌:

استثني‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌في‌ ‌هذه‌ ‌الآية‌ ‌من‌ جملة ‌الّذين‌ يستحقون‌ اللعنة ‌من‌ تاب‌، و أصلح‌، و ‌بين‌. و اختلفوا ‌في‌ معني‌ «بينوا» ‌فقال‌ أكثر المفسرين‌، كقتادة، و ‌إبن‌ زيد، و البلخي‌، و الجبائي‌، و الرماني‌: إنهم‌ بينوا ‌ما كتموه‌ ‌من‌ البشارة بالنبي‌ (ص‌)، و ‌قال‌ بعضهم‌: بينوا التوبة، و إصلاح‌ السريرة بالإظهار لذلك‌. و إنما شرط ‌مع‌ التوبة الإصلاح‌، و البيان‌ ليرتفع‌ الإيهام‌ بأن‌ التوبة مما سلف‌ ‌من‌ الكتمان‌ يكفي‌ ‌في‌ إيجاب‌ الثواب‌.

و معني‌ ‌قوله‌ ‌تعالي‌ (أَتُوب‌ُ عَلَيهِم‌) أقبل‌ توبتهم‌. و الأصل‌ ‌في‌ أتوب‌ أفعل‌ التوبة ‌إلا‌ ‌أنه‌ ‌لما‌ وصل‌ بحرف‌ الاضافة دل‌ ‌علي‌ ‌ان‌ معناه‌ أقبل‌ التوبة، و إنما ‌کان‌ لفظه‌ مشتركا ‌بين‌ فاعل‌ التوبة، و القابل‌ لها، للترغيب‌ ‌في‌ صفة التوبة إذ وصف‌ بها القابل‌ لها، و ‌هو‌ اللّه‌ و ‌ذلک‌ ‌من‌ إنعام‌ ‌علي‌ عباده‌، لئلا يتوهم‌ ‌بما‌ ‌فيها‌ ‌من‌ الدلالة ‌علي‌ مقارفة الذنب‌ ‌أن‌ الوصف‌ بها عيب‌، فلذلك‌ جعلت‌ ‌في‌ أعلا صفات‌ المدح‌، و التوبة ‌هي‌ الندم‌ ‌ألذي‌ يقع‌ موقع‌ التنصل‌ ‌من‌ الشي‌ء و ‌ذلک‌ بالتحسر ‌علي‌ موافقته‌، و العزم‌ ‌علي‌ ترك‌ معاودته‌ ‌إن‌ أمكنت‌ المعاودة. و اعتبر قوم‌ المعاودة ‌الي‌ مثله‌ ‌في‌ القبح‌. و ‌هو‌ الأقوي‌. لإجماع‌ الامة ‌علي‌ سقوط العقاب‌ عندها، و ‌ما عداها فمختلف‌ ‌فيه‌، فان‌ ‌قيل‌: ‌ما الفائدة ‌في‌ ‌هذا‌ الاخبار، و ‌قد‌


[1] ‌سورة‌ يوسف‌ آية: 4.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 2  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست