التسبيح و الانقطاع إليه تعالي کما يقول القائل: قد کان كذا و كذا، و أنت تعلم لا علي وجه الاعلام بل علي ما قلناه. و اسكان التاء أجود لامرين: أحدهما- أن قولها «إِنِّي وَضَعتُها أُنثي» قد أغني عن ذلک. و الثاني- أنه کان يجب أن تقول و أنت أعلم، لأنها تخاطب اللّه تعالي.
و قوله: «وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ» قيل في معناه قولان: أحدهما
- الاستعاذة من طعن الشيطان للطفل ألذي له يستهل صارخاً، فوقاها اللّه عز و جل و ولدها عيسي منه بحجاب علي ما رواه أبو هريرة عن النبي (ص)
الثاني- قال الحسن انها استعاذت من إغواء الشيطان.
و الرجيم بمعني الموجود بالشبهة و أصل الرجم: الرمي بالحجارة رجم يرجم رجماً و الرجم القذف بالغيب لأنه رمي العبد به. و منه (لَأَرجُمَنَّكَ وَ اهجُرنِي مَلِيًّا)[1] و الرجم الاخبار عن الظن لأنه رمي بالخبر لا عن يقين. و منه «رَجماً بِالغَيبِ»[2] و الرجوم النجوم، لأن من شأنها أن يرمي بها الشياطين و منه قوله: «وَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ»[3]. و الرجام القبور الّتي عليها الحجارة. و المراجمة المباراة في الكلام، و العمل له من کل واحد من النفيسين لرمي صاحبه بما يكيده و أصل الباب الرمي.
فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَ أَنبَتَها نَباتاً حَسَناً وَ كَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيها زَكَرِيَّا المِحرابَ وَجَدَ عِندَها رِزقاً قالَ يا مَريَمُ أَنّي لَكِ هذا قالَت هُوَ مِن عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ (37)