و الغُرة: الجبهة. و أصل الباب الغرور الطماع في غير مطمع.
و قوله: «ما كانُوا يَفتَرُونَ» فالافتراء: الكذب، و فري فلان كذباً يفريه فرية، و الفري: الشق، فريت الأديم فرياً، و فرية. مفرية: مشقوقة. و قد تفرو بجورها أي تشق. و الفري: الإصر العظيم، لأنه يشق علي النفس. و أصل الباب:
الفري: الشق. و منه الافتراء، لأنه يشق علي النفس.
و الافتراء ألذي غرهم قيل فيه قولان: أحدهما- قوله: «نَحنُ أَبناءُ اللّهِ وَ أَحِبّاؤُهُ» في قول قتادة، و قال مجاهد غرهم قوله: «لَن تَمَسَّنَا النّارُ إِلّا أَيّاماً مَعدُوداتٍ» و ليس في الآية ما يدل علي خلاف ما نذهب إليه من جواز العفو و إخراج المعاقبين من أهل الملة من النار من حيث أن اللّه ذم هؤلاء بانه لا تمسهم النار إلا أياماً معدودات. و ذلک انا لا نقول أن الأيام الّتي يعاقب فيها الفاسق بعدد أيام عصيانه بل إنما نقول: إن عقاب من ثبت دوام ثوابه لا يکون إلا منقطعاً و إن لم يحط العلم مقداره. و اللّه تعالي عاب أهل الكتاب بذلك من حيث قطعوا علي ما قالوه و حكموا به و ذلک بخلاف ما قلناه.
فَكَيفَ إِذا جَمَعناهُم لِيَومٍ لا رَيبَ فِيهِ وَ وُفِّيَت كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَ هُم لا يُظلَمُونَ (25)
آية بلا خلاف.
«كيف» موضوعة للسؤال عن الحال. و معناها هاهنا التنبيه بصيغة السؤال عن حال من يساق إلي النار. و فيه بلاغة، و اختصار شديد، لأن تقديره أي حال يکون حال من اغتر بالدعاوي الباطلة حتي أداه ذلک إلي الخلود في العقوبة! و نظيره قول القائل: أنا أكرمك و إن لم تجئني فكيف إذا جئتني! معناه فكيف إكرامي لك إذا جئتني. و التقدير: كيف حالها إذا جمعناهم! لأنه خبر ابتداء محذوف.