أَ لَم تَرَ إِلَي الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتابِ يُدعَونَ إِلي كِتابِ اللّهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم ثُمَّ يَتَوَلّي فَرِيقٌ مِنهُم وَ هُم مُعرِضُونَ (23)
آية بلا خلاف.
معني «أَ لَم تَرَ» أ لم تعلم «إِلَي الَّذِينَ أُوتُوا» معناه الّذين أعطوا «نَصِيباً» أي حظاً و إنما قيل «أُوتُوا نَصِيباً» منه، لأنهم يعلمون بعض ما فيه «مِنَ الكِتابِ» قال إبن عباس، و الزجاج، و الجبائي: إنه التوراة دعي إليها اليهود فأبوا لعلمهم بلزوم الحجة عليهم بما فيه من الدلالة علي نبوة نبينا (ص) و تصديقه. و الثاني- قال الحسن، و قتادة: دعوا إلي القرآن، لأن ما فيه موافق ما في التوراة في أصول الديانة و أركان الشريعة. و في الصفة الّتي تقدمت البشارة بها.
و الحكم ألذي دعوا فيه إلي الكتاب يحتمل ثلاثة أشياء: أحدها- أن يکون نبوة النبي (ص). و الثاني- أن يکون أمر إبراهيم فان دينه الإسلام. و الثالث- أن يکون حداً من الحدود، لأنهم نازعوا في ذلک، و ليس في القرآن دليل علي تعيين ذلک و إنما هو محتمل لكل واحد منها.
و الفرق بين الدعاء إلي الشيء و الأمر به أن الأمر له صيغة مخصوصة و فيه زجر عن المخالفة عند من قال: إنه يقتضي الإيجاب. و الدعاء قد يکون بالخبر و غيره من الدلالات علي معني الخبر و إنما دعوا إلي المحاكمة لتظهر الحجة فأبوا إلا المخالفة.
و الحكم هو الخبر ألذي يفصل الحق من الباطل بامتناعه من الإلباس و هو مأخوذ من الحكمة. و هو الخبر ألذي توجب صحته الحكمة. و إنما يقال حكم بالباطل لأنه جعل موضع الحق باطلا بدلا منه. و قولهم ليس هذا حكم كذا معناه ليس هذا حقه فإنما دعوا إلي كتاب اللّه ليفصل الحق من الباطل فيما اختلفوا فيه. و معني