responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 2  صفحة : 4

بالإسلام‌. و اختلفوا ‌في‌ سبب‌ عيبهم‌ الصرف‌ ‌عن‌ القبلة: ‌فقال‌ قوم‌: انهم‌ قالوا ‌ذلک‌ ‌علي‌ وجه‌ الإنكار للنسخ‌. و [الثاني‌] ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌: ‌إن‌ قوماً ‌من‌ اليهود قالوا: ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ ‌ما ولّاك‌ ‌عن‌ قبلتك‌ ‌الّتي‌ كنت‌ عليها، ارجع‌ اليها نتبعك‌ و نؤمن‌. و أرادوا بذلك‌ فتنته‌. الثالث‌-‌ انه‌ ‌قال‌ ‌ذلک‌ مشركوا العرب‌ ليوهموا ‌ان‌ الحق‌ ‌ما ‌هم‌ ‌عليه‌.

و إنما صرفهم‌ اللّه‌ ‌عن‌ القبلة الاولي‌ ‌لما‌ علم‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌من‌ تغير المصلحة ‌في‌ ‌ذلک‌.

و ‌قيل‌ انما فعل‌ ‌ذلک‌ ‌لما‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «وَ ما جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتِي‌ كُنت‌َ عَلَيها إِلّا لِنَعلَم‌َ مَن‌ يَتَّبِع‌ُ الرَّسُول‌َ مِمَّن‌ يَنقَلِب‌ُ عَلي‌ عَقِبَيه‌ِ»، لأنهم‌ كانوا بمكة، أمروا ‌أن‌ يتوجهوا ‌الي‌ بيت‌ المقدس‌ ليتميزوا ‌من‌ المشركين‌ ‌الّذين‌ كانوا بحضرتهم‌ يتوجهون‌ ‌الي‌ الكعبة، فلما انتقل‌ ‌رسول‌ اللّه‌ (ص‌) ‌الي‌ المدينة ‌کان‌ اليهود المجاورون‌ للمدينة يتوجهون‌ ‌الي‌ بيت‌ المقدس‌ فنقلوا ‌الي‌ الكعبة ليتميزوا ‌من‌ هؤلاء ‌کما‌ أريد ‌في‌ الاول‌ ‌ان‌ يتميزوا ‌من‌ أولئك‌ و اختار ‌ذلک‌ البلخي‌ و الجبائي‌ و الرماني‌.

و ‌قوله‌ ‌تعالي‌: «قُل‌ لِلّه‌ِ المَشرِق‌ُ وَ المَغرِب‌ُ» أمر ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ لنبيه‌ (ص‌) ‌ان‌ يقول‌ لهؤلاء ‌الّذين‌ عابوا انتقالهم‌ ‌عن‌ بيت‌ المقدس‌ ‌الي‌ الكعبة: المشرق‌ و المغرب‌ ملك‌ للّه‌ يتصرف‌ فيهما كيف‌ شاء ‌علي‌ ‌ما تقتضيه‌ حكمته‌. و المشرق‌ و المطلع‌ نظائر، و كذلك‌ المغرب‌ و المغيب‌ نظائر.

و ‌في‌ ‌الآية‌ دلالة ‌علي‌ جواز النسخ‌ لأنه‌ ‌تعالي‌ نقلهم‌-‌ ‌عن‌ عبادة كانوا عليها‌-‌ ‌الي‌ إيقاعها ‌علي‌ وجه‌ آخر و ‌هذا‌ ‌هو‌ النسخ‌.

و ‌قوله‌: «لِلّه‌ِ المَشرِق‌ُ وَ المَغرِب‌ُ» ‌فيه‌ دلالة ‌علي‌ ‌أن‌ ‌من‌ ‌له‌ المشرق‌ و المغرب‌، فله‌ التدبير فيهما، و ‌في‌ ‌ذلک‌ إسقاط قول‌ ‌من‌ زعم‌: ‌أن‌ ‌الإرض‌ المقدسة أولي‌ بالتوجه‌ اليها. لأنها مواطن‌ الأنبياء‌-‌ و ‌قد‌ شرفها اللّه‌ و عظمها‌-‌ ‌فلا‌ وجه‌ للتولية عنها‌-‌ فرد اللّه‌ ‌عليهم‌ بأن‌ المواطن‌ كلها للّه‌ يشرف‌ منها ‌ما يشاء ‌في‌ ‌کل‌ زمان‌ ‌علي‌ ‌ما يعلمه‌ ‌من‌ مصالح‌ العباد. و ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌، و البراء ‌بن‌ عازب‌: انه‌ كانت‌ الصلاة ‌الي‌ بيت‌ المقدس‌ ‌الي‌ ‌بعد‌ مقدم‌ النبي‌ (ص‌) بسبعة عشر شهراً. و ‌قال‌ انس‌ ‌بن‌ مالك‌: انما ‌کان‌ ‌ذلک‌ تسعة أشهر ‌أو‌ عشرة أشهر. و ‌قال‌ معاذ ‌بن‌ جبل‌ ‌کان‌ ثلاثة عشر شهراً. و ‌قال‌

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 2  صفحة : 4
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست