responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 2  صفحة : 354

و ‌لم‌ يقبلوا ‌منه‌ لعلمه‌ ‌بما‌ يصيرون‌ إليه‌ ‌من‌ العقاب‌ فسلّاه‌ اللّه‌ بهذا القول‌. و إنه‌ ‌لا‌ ينبغي‌ ترك‌ مواساة ذوي‌ القربي‌ ‌من‌ أهل‌ الشرك‌ ليدخلوا ‌في‌ الإسلام‌ فيكون‌ ‌ذلک‌ مبيحاً للصدقة المندوبة ‌عليهم‌. و ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌، و ‌إبن‌ الحنفية، و سعيد ‌بن‌ جبير:

نزلت‌ ‌هذه‌ ‌الآية‌ لأنهم‌ كانوا يتقون‌ الصدقة ‌علي‌ المشركين‌ ‌حتي‌ نزلت‌ «لَيس‌َ عَلَيك‌َ هُداهُم‌» و ‌قوله‌. «وَ لكِن‌َّ اللّه‌َ يَهدِي‌ مَن‌ يَشاءُ» إنما علق‌ الهداية بالمشيئة لمن‌ ‌کان‌ ‌في‌ المعلوم‌ ‌أنه‌ يصلح‌ باللطف‌ و ليس‌ ‌کل‌ أحد يصلح‌ ‌به‌ فلذلك‌ جاء الاختصاص‌ بالمشيئة. و ‌قال‌ ‌أبو‌ علي‌ الجبائي‌: الهداية ‌في‌ ‌الآية‌ ‌هو‌ ‌إلي‌ طريق‌ الجنة و ‌ذلک‌ يختص‌ بالمؤمنين‌ المستحقين‌ للثواب‌ و الأول‌ اختيار البلخي‌ و ‌إبن‌ الأخشاد و الزجاج‌ و أكثر أهل‌ العلم‌.

و ‌قوله‌: (وَ ما تُنفِقُوا مِن‌ خَيرٍ فَلِأَنفُسِكُم‌ وَ ما تُنفِقُون‌َ إِلَّا ابتِغاءَ وَجه‌ِ اللّه‌ِ) معناه‌ فلهذا يجب‌ ألا تمنوا بالصدقة و الإنفاق‌: إذ ‌کان‌ لأنفسكم‌ ‌من‌ حيث‌ ‌هو‌ ذخر لكم‌ و لابتغاء وجه‌ اللّه‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ يوَّفر ‌به‌ الجزاء لكم‌ فهو ‌من‌ ‌کل‌ وجه‌ عائد عليكم‌ و ليس‌ كتمليك‌ اللّه‌ لعباده‌ إذ نفعه‌ راجع‌ ‌عليهم‌ كيف‌ تصرفت‌ الحال‌ بهم‌، فلذلك‌ افترق‌ ذكر العطية ‌منه‌ (‌تعالي‌)، و العطية ‌من‌ غيره‌. و معني‌ ‌قوله‌ «إِلَّا ابتِغاءَ وَجه‌ِ اللّه‌ِ» ‌إلا‌ ابتغاء رضوان‌ اللّه‌. و استدل‌ بذلك‌ ‌علي‌ حسن‌ باطن‌ المعنيين‌ بالآية.

و انهم‌ كانوا ينفقونه‌ لوجه‌ اللّه‌ خالصاً. و ‌قيل‌ معناه‌ و ‌ما تنفقون‌ ‌إلا‌ ابتغاء وجه‌ اللّه‌، فكيف‌ يضيع‌ سعيكم‌ و إنفاقكم‌. و ‌قيل‌ ‌في‌ ذكر الوجه‌ قولان‌:

أحدهما‌-‌ لتحقيق‌ الاضافة إليه‌، لأن‌ ذكره‌ يزيل‌ الإبهام‌ انه‌ ‌له‌ ‌أو‌ لغيره‌، لأنك‌ ‌إذا‌ اختصصت‌ ذكر الوجه‌ و معناه‌ التبيين‌، دل‌ ‌علي‌ أنك‌ أردت‌ الاختصاص‌ و إزالة الإبهام‌، و رفع‌ الاشتراك‌ و حققت‌ الاضافة.

و الثاني‌-‌ لأشرف‌ الذكرين‌ ‌في‌ الصفة لأنه‌ ‌إذا‌ قلت‌: فعلته‌ لوجه‌ زيد فهو أشرف‌ ‌في‌ الذكر ‌من‌ فعلته‌ [لزيد]. لأن‌ وجه‌ الشي‌ء ‌في‌ الأصل‌ أشرف‌ ‌ما ‌فيه‌ ‌ثم‌ كثر ‌حتي‌ صار يدل‌ ‌علي‌ شرف‌ الذكر ‌في‌ الصفة فقط ‌من‌ ‌غير‌ تحقيق‌ وجه‌ ألا تري‌ أنك‌ تقول‌:

وجه‌ ‌هذا‌ الأمر كذا و ‌هذا‌ أوجه‌ الرأي‌ و ‌هذا‌ أوجه‌ الدليل‌ ‌فلا‌ تريد تحقيق‌ الوجه‌

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 2  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست