و قوله «إِذ قالَ إِبراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحيِي وَ يُمِيتُ» معناه يحيي الميت و يميت الحي، فقال الكافر عند ذلک: أنا أحيي و أميت، يعني أحييه بالتخلية من الحبس ممن وجب عليه القتل و أميت بالقتل من شئت ممن هو حي، و هذا جهل منه، لأنه اعتمد في المعارضة علي العبارة فقط دون المعني، عادلا عن وجه الحجة بفعل الحياة للميت أو الموت للحي علي سبيل الاختراع کما يفعله اللّه (تعالي) من إحياء من قتل أو مات و دفن و ذلک معجز لا يقدر عليه سواه، فقال إبراهيم (فَإِنَّ اللّهَ يَأتِي بِالشَّمسِ مِنَ المَشرِقِ فَأتِ بِها مِنَ المَغرِبِ) و لم يكن ذلک انتقالا من إبراهيم من دليل إلي دليل آخر من وجهين:
أحدهما- أن ذلک يجوز من کل حكيم بعد تمام ما ابتدأ به من الحجاج، و علامة تمامه ظهوره من غير اعتراض عليه بشبهة لها تأثير عند التأمل، و التدبر لموقعها من الحجة المعتمد عليها.
الثاني- أن إبراهيم إنما قال ذلک ليتبين أن من شأن من يقدر علي إحياء الأموات و إماتة الأحياء، أن يقدر علي الإتيان بالشمس من المشرق، فان كنت قادراً علي ذلک فأت بها من المغرب «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ» و إنما فعل ذلک، لأنه لو تشاغل معه بأني أردت اختراع الحياة و الموت من غير سبب و لا علاج لاشتبه علي كثير ممن حضر، فعدل إلي ما هو أوضح و أكشف، لأن الأنبياء (ع) إنما بعثوا للبيان و الإيضاح، و ليس أمورهم مبنية علي بناء الخصمين إذا تحاجا، و طلب