و ألذي ضاع هاهنا الاطهار، لأنه بعد غيبته، فيضيع بها طهر النساء، فلا يطأهن، و الوقت الجاري في الفعل علي عادة راجع الي معني الاجتماع، و ذلک، لاجتماع الفعل مع الوقت الدائر، فالاجتماع أصل الباب. و أخذ القرء من الوقت رداً له الي فرع، و كلا الأمرين يحتمل في اللغة.
المعني:
و من خفف الهمزة في «قروء» قال: قرؤ، و مثله «مَن يَعمَل سُوءاً»[2] و استشهد أهل العراق بأشياء يقوي أن المراد الحيض،
منها قوله (ع) في مستحاضة سألته: دعي الصلاة أيام أقرائك.
و استشهد أهل المدينة بقوله: «فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ»[3] أي طهر لم يجامع فيه کما يقال لغرّة الشهر، و تأوله غيرهم: لاستقبال عدتهن، و هو الحيض.
فان قيل: لو کان المراد- في الأقراء في الآية- الاطهار، لوجب استيفاء الثلاثة أطهار بكمالها، کما أن من كانت عدتها بالأشهر، وجب عليها ثلاثة أشهر علي الكمال، و قد أجمعنا علي أنه- لو طلقها في آخر يوم الطهر ألذي ما قربها فيه، لا يلزمها أكثر من طهرين آخرين، و ذلک دليل علي فساد ما قلتموه؟ قلنا: تسمي القرآن الكاملان، و بعض الثالث ثلاثة أقراء، کما تسمي- الشهران و بعض الثالث-: ثلاثة أشهر قال اللّه تعالي: «الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُوماتٌ»[4] و إنما هي شوال، و ذي القعدة، و بعض من ذي الحجة. و روي عن عائشة أنها قالت: الأقراء الاطهار.
و قوله: «وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكتُمنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرحامِهِنَّ» قيل في معناه ثلاثة أقوال: أحدها- قال إبراهيم: الحيض. و ثانيها- قال قتادة: الحبل. و ثالثها-
[1] ديوانه: 91 رقم القصيدة: 11 يمدح بها هوذة بن علي الحنفي، و معني البيتين:
لك في کل عام غزوة، تجمع لها صبرك و جلدك، فتعود منها بالغنيمة و المجد ألذي يعوضك عما عاينت من البعد عن نسائك. [2] سورة النساء آية: 109، 122. [3] سورة الطلاق آية: 1. [4] سورة البقرة آية: 197.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 239