اقتصر في جمعه علي أهلّة، و هو لأدني العدد، دون الفعل ألذي هو للجمع الكثير، استثقالا له في التضعيف، کما قالوا، فيما ليس بمضعّف: حمار و أحمرة و حمر.
فان قيل عما کان وقع السؤال من حال الأهلة قيل عن زيادتها و نقصانها، و ما وجه الحكمة في ذلک، فأجيب بأن مقاديرها تحتاج إليه النّاس في صومهم، و فطرهم، و حجهم و عدد نسائهم، و محلّ ذنوبهم، و غير ذلک. و فيها دلالة واضحة علي أن الصوم لا يثبت بالعدد، و أنه يثبت بالهلال، لأن العدد لو کان مراعي، لما أحيل في مواقيت النّاس في الحج علي ذلک بل أحيل علي العدد.
و قوله تعالي: «قُل هِيَ مَواقِيتُ» و الميقات: هو مقدار من الزمان، جعل علماً لما يقدر من العمل، و منه قوله تعالي: (إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ)[1] و التوقيت:
تقدير الوقت. وقت توقيتاً، و منه قوله تعالي: «وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَت»[2] و كلما قدرت غاية، فهو موقت. و الميقات: منتهي الوقت، و منه قوله تعالي: «فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ»[3] فالآخرة ميقات الخلق. و الإهلال: ميقات الشهر. و إنما لم يصرف مواقيت، و صرف قوارير، لان قوارير فاصلة في رأس آية، فصرفت لتجري علي طريقة واحدة في الآيات، كالقوافي، و ليس ذلک تنوين الصرف.
و قوله تعالي «وَ لَيسَ البِرُّ بِأَن تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِها وَ لكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقي» قيل في معناه وجهان:
أحدهما- «وَ لكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقي» کما قلنا في قوله «وَ لكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللّهِ».