هذه أمثلة من تعاليم القرآن التي نهج
فيها منهج الاعتدال ، وقد أوجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على جميع أفراد
الامة ، ولم يخصه بطائفة خاصة ، ولا بأفراد مخصوصين ، وهو بهذا التشريع قد فتح
لتعاليمه أبواب الانتشار ونفخ فيها روح الحياة والاستمرار. فقد جعل كل واحد من
أفراد العائلة والبيئة مرشدا لهم ، ورقيبا عليهم ، بل جعل كل مسلم دليلا وعينا على
سائر المسلمين يهديهم إلى الرشاد ، ويزجرهم عن البغي والفساد ، فالمسلمون بأجمعهم
مكلفون بتبليغ الاحكام ، وبتنفيذها ، أفهل تعلم جنودا هي أقوى وأعظم تأثيرا من هذه
الجنود ونحن نرى السلاطين ينفذون إرادتهم على الرعية بقوة جنودهم. ومن الواضح أنهم
لا يلازمون الرعية في جميع الامكنة والازمان ، فكم فرق بين جند الاسلام ، وجند
السلاطين.
ومن أعظم تعاليم القرآن التي تجمع كلمة
المسلمين ، وتوحد بين صفوفهم : المؤاخاة بين طبقات المسلمين ، ونبذ الميزات إلا من
حيث العلم والتقوى حيث يقول :
إن الله عز وجل
أعز بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلا ، وأذهب بالاسلام ما كان من نخوة
الجاهلية وتفاخرها بعشائرها ، وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم
، وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم. وان آدم خلقه الله من طين ، وان أحب الناس