فإن الكلام كلام في وجوده الذهني ، كما
هو كلام في وجوده الخارجي ولكل شيء نحوان من الوجود : خارجي وذهني ، والشئ هو ذلك
الشئ في كلا وجوديه ، وإطلاق الاسم عليه بلا عناية. ولا يختص هذا بالكلام ، فيقول
المهندس : إن في نفسي صورة بناء سأنقشها في خارطة ، ويقول المتعبد : إن في نفسي أن
أصوم غدا.
الثالث : أنه يصح إطلاق المتكلم على
الله ، وهذا الهيئة اسم الفاعل وضعت لافادة قيام المبدأ بالذات قياما وصفيا. ولذا
لا يطلق المتحرك والساكن والنائم إلا على من تلبس بالحركة والسكون والنوم ، دون من
أوجدها. وواضح أن الكلام اللفظي لا يمكن أن يتصف به الله تعالى ، لا ستحالة اتصاف
القديم بالصفة الحادثة ، فلا مناص من الالتزام بالكلام القديم ، ليصح إطلاق
المتكلم على الله سبحانه باعتبار اتصافه به.
وجوابه :
أن المبدأ في صيغة المتكلم ليس هو
الكلام ، فإنه غير قائم بالمتكلم قيام الصفة بموصوفها حتى في غير الله ، فإن
الكلام كيفية عارضة للصوت الحاصل من تموج الهواء ، وهو أمر قائم بالهواء لا
بالمتكلم ، والمبدأ في الصيغة المذكورة هو التكلم ، ولا نعقل له معنى غير إيجاد
الكلام ، فإطلاقه على الله وعلى غيره بمعنى واحد.
وأما قول المستدل : إن هيئة اسم الفاعل
وضعت لافادة قيام المبدأ بالذات قيام الوصف بالموصوف فهو غلط بين ، فان الهيئة
إنما تفيد قيام المبدأ بالذات