وأما الجمل الانشائية فهي كالجمل الخبرية
، والفارق بينهما أن الجمل الانشائية ليس في مواردها خارج تطابقه النسبة الكلامية
أو لا تطابقه وعليه فالامور التي لا بد منها في الجمل الانشائية سبعة ، وهي بذاتها
الامور التسعة التي ذكرناها في الجمل الخبرية ما عدا السابع والثامن منها ، وقد
علمت أن الكلام النفسي عند القائلين به ليس واحدا منها.
ولعل سائلا يقول : ما هو مفاد هيئة
الجملة الانشائية؟.
المعروف بين العلماء أنها موضوعة لايجاد
معنى من المعاني نحو إيجاد مناسب لعالم الانشاء ، وقد تكرر في كلمات كثير منهم أن
الانشاء إيجاد المعنى باللفظ ، وقد ذكرنا في مباحثنا الاصولية أنه لا أصل للوجود
الانشائي ، واللفظ والمعنى وإن كانت لهما وحدة عرضية منشأها ما بينهما من الربط
الناشئ من الوضع ، فوجود اللفظ وجود له بالذات ووجود للمعنى بالعرض والمجاز ، ومن
أجل ذلك يسري حسن المعنى أو قبحه إلى اللفظ ، وبهذا المعنى يصح أن يقال : وجد
المعنى باللفظ وجودا لفظيا ، إلا أن هذا لا يختص بالجمل الانشائية ، بل يعم الجمل
الخبرية والمفردات أيضا.
أما وجود المعنى بغير وجوده اللفظي
فينحصر في نحوين ، وكلاهما لا مدخل للفظ فيه أبدا :
أحدهما : وجوده الحقيقي الذي يظهر به في
نظام الوجود من الجواهر والاعراض ، ولا بد في تحقيق هذا الوجود من تحقق أسبابه
وعلله ، والالفاظ أجنبية عنها بالضرورة.
ثانيهما : وجوده الاعتباري ، وهو نحو من
الوجود للشئ إلا أنه في عالم الاعتبار لا في الخارج ، وتحقق هذا النحو من الوجود
إنما هو باعتبار من بيده الاعتبار ، واعتبار كل معتبر قائم بنفسه ، ويصدر منه
بالمباشرة ، ولا يتوقف على وجود لفظ في الخارج أبدا ، أما إمضاء الشارع أو إمضاء
العقلاء للعقود أو الايقاعات الصادرة من الناس ، فهو وإن توقف على صدور لفظ من
المنشئ أو