وإن الله بعث
محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم في وقت
كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام ـ وأظنه قال : الشعر ـ فأتاهم من عند
الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم » [١] ..
وقد كانت للنبي معجزات اخرى غير القرآن
، كشق القمر ، وتكلم الثعبان ، وتسبيح الحصى ، ولكن القرآن أعظم هذه المعجزات شأنا
، وأقومها بالحجة ، لان العربي الجاهل بعلوم الطبيعة وأسرار التكوين ، قد يشك في
هذه المعجزات ، وينسبها إلى أسباب علمية يجهلها. وأقرب هذه الاسباب إلى ذهنه هو
السحر فهو ينسبها إليه ، ولكنه لا يشك في بلاغة القرآن وإعجازه ، لانه يحيط بفنون
البلاغة ، ويدرك أسرارها. على أن تلك المعجزات الاخرى موقتة لا يمكن لها البقاء
فسرعان ما تعود خبرا من الاخبار ينقله السابق للاحق ، وينفتح فيه باب التشكيك. أما
القرآن فهو باق إلى الابد ، وإعجازه مستمر مع الاجيال. وسنضع بحثا خاصا عن معجزات
النبي غير القرآن ، ونتفرغ فيه لمحاسبة من أنكر هذه المعجزات من الكتاب المعاصرين
وغيرهم.
القرآن معجزة
إلهية :
قد علم كان عاقل بلغته الدعوة الاسلامية
، أن محمدا (ص) بشر جميع الامم بدعوتهم إلى الاسلام ، وأقام الحجة عليهم بالقرآن ،
وتحداهم بإعجازه ، وطلب منهم أن يأتوا بمثله وإن كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ثم تنزل
عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحداهم إلى الاتيان بسورة
واحدة.
وكان من الجدير بالعرب ـ وفيهم الفصحاء
النابغون في الفصاحة ـ أن