وتوضيح القول : أن لكل قوم من العرب
لهجة خاصة في تأدية بعض الكلمات ، ولذلك نرى العرب يختلفون في تأدية الكلمة
الواحدة حسب اختلاف لهجاتهم. فالقاف في كلمة يقول مثلا يبدلها العراقي بالكاف
الفارسية ، ويبدلها الشامي بالهمزة ، وقد أنزل القرآن على جميع هذه اللهجات
للتوسعة على الامة ، لان الالتزام بلهجة خاصة من هذه اللهجات فيه تضييق على
القبائل الاخرى التي لم تألف هذه اللهجة ، والتعبير بالسبع إنما هو رمز إلى ما
ألفوه من معنى الكمال في هذه اللفظة ، فلا ينافي ذلك كثرة اللهجات العربية ، وزيادتها
على السبع.
الرد :
وهذا الوجه ـ على أنه أحسن الوجوه التي
قيلت في هذا المقام ـ غير تام أيضا :
١ ـ لانه ينافي ما ورد عن عمر وعثمان من
أن القرآن نزل بلغة قريش ، وأن عمر منع ابن مسعود من قراءة « عتى حين ».
٢ ـ ولانه ينافي مخاصمة عمر مع هشام بن
حكيم في الراءة ، مع أن كليهما من قريش.
٣ ـ ولانه ينافي مورد الروايات ، بل
وصراحة بعضها في أن الاختلاف كان في جوهر اللفظ ، لا في كيفية أدائه ، وان هذا من
الاحرف التي نزل بها القرآن.
٤ ـ ولان حمل لفظ السبع ـ على ما ذكره
خلاف ـ ظاهر الروايات ، بل وخلاف صريح بعضها.
٥ ـ ولان لازم هذا القول جواز القراءة
فعلا باللهجات المتعددة ، وهو خلاف السيرة القطعية من جميع المسلمين ، ولا يمكن أن
يدعي نسخ جواز القراءة بغير اللهجة الواحدة المتعارفة ، لانه قول بغير دليل ، ولا
يمكن لقائله أن يستدل على النسخ بالاجماع القطعي على ذلك ، لان مدرك الاجماع إنما
هو عدم ثبوت نزول القرآن على اللهجات المختلفة ، فإذا فرضنا ثبوت ذلك كما يقوله
أصحاب هذا القول فكيف يمكن تحصيل الاجماع على ذلك؟ مع أن إصرار