اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 83
الفائدة الحادية عشرة في
امتناع الدور و التسلسل
أمّا
الدور فهو في اللغة- كما في بعض كتبها- التقلّب و الحركة إلى ما كان عليه. و في
الاصطلاح هو توقّف الشيء على ما يتوقّف عليه[1]،
و إن شئت فقل: إنه تعاكس الشيئين في السببية و المسببية. فإن توسّط بينهما واسطة
أو وسائط أخرى يسمّى مضمرا، و إلّا فمصرّح.
فتوقّف
الشيء على نفسه لا يسمّى دورا بل هو نتيجته.
ثم
إنّه ربما يطلق الدور على شيئين لهما معيّة، و يقال له الدور المعي، و هو ليس
بمحال، و هو أن يكون شيئان موجودان يتوقّف كلّ منهما على الآخر في صفة من الصفات،
بمعنى أن تتوقّف الصفة في كلّ منهما على ذات الآخر سواء كانت تلك الصفة فيهما من
نوع واحد كالأخوة في أخوين و المعية في شيئين، أو من نوعين كالفوقية و التحتية في
الفوق و التحت و التقدّم و التأخر بحسب المكان في جسمين، و هذا الدور جار في كلّ
متضايفين كما قيل.
ثم
إن الدليل على استحالة الدور- بمعنييه المتقدّمين- أنّه يستلزم تقدّم الشيء على
نفسه و تأخّره عن نفسه؛ ضرورة تقدّم العلّة على المعلول تقدما عليّا و تقدّما
بالذات، فاذا كانت العلّة معلولة لمعلولها، لزم تأخّر الشيء عن نفسه بمرتبتين، و
كذلك تقدمه، و هو- أي تقدّم الشيء على نفسه أو تأخّره عنها- ضروري الاستحالة، مع
أنّه قد يستدلّ عليها بأنّه يستلزم تخلّل العدم بين الشيء و نفسه و هو واضح
الاستحالة، و بان التقدّم نسبة لا تعقل إلّا بين شيئين.
فإن
توهّم أحد أن المراد بالتقدّم هنا إمّا التقدّم الزماني و هو غير لازم في العلة،
أو العلّي و هو مصادرة؛ لان معنى قولنا: إن الشيء لا يتقدّم على نفسه أنّ الشيء
لا يكون علّة لنفسه.
يقال
له: إنّ معنى تقدّم العلّة على معلولها هو صحّة مثل قولنا: تحركت اليد فتحرّك
الخاتم، طلعت الشمس فوجد النهار؛ و بطلان عكسه أي قولنا، تحرك الخاتم فتحركت اليد.
و هذا الاعتبار الذي ممّا لا يشك فيه عاقل بديهي البطلان بالنظر إلى الشيء و
نفسه.
[1] الفرق بين تقدم الشيء على نفسه، و توقف الشيء على
نفسه اعتباري، فإن الأول باعتبار علّية كلّ منهما للآخر، و الثاني باعتبار معلولية
كلّ منهما للآخر.
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 83