اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 47
الفائدة السادسة حول الجاهل
القاصر في المعارف الاعتقادية
الحقّ
تحقّق الجاهل القاصر في المعارف الدينية، فليس كلّ من لم يعتقدها مستحقا للعذاب و
العقاب، بل المعاقب هو المعاند للحق أو المقصّر فيه، و أمّا من قصر استعداده و ضاق
تفكيره أو استولى عليه الغفلة و سلطان البيئة فجهل الحق، فهو معذور عقلا و شرعا.
و
الدليل على وجود القاصر المذكور هو الحس، فإنّا نشاهد كثيرا من المسلمين المخالفين
لنا في الاعتقاد- و لا سيما نسائهم الساكنات في قعر بيوتهن- قاصرين عن تحقيق الحقّ
و تحصيل الواقع، و كذا نعلم قطعا أن عددا كثيرا من سكان الهند و روسيا و غيرهما
قاصرون في جهلهم باللّه العظيم و شؤونه و نبوّة نبينا الأعظم و أوصيائه الكرام، و
هذا ممّا لا يدخله ريب و لا احتمال، بل مزيد العناية في إثباته لغو و عبث، فإن
العيان يغني عن البيان.
و
لكن مع ذلك اتّفق الجمهور من المسلمين على أن المصيب من المجتهدين المختلفين في
العقليات التي وقع التكليف بها واحد، و أن الآخر مخطئ آثم، و خالف فيه شذوذ من أهل
الخلاف كما في المعالم و القوانين[1].
أقول:
هذا الاتفاق على خصوص التخطئة و بطلان التصويب متين، و أمّا على استحقاق العقاب
فلا. نعم نسب إلى الجاحظ و العنبري معذورية القاصر[2]،
و هو الذي اختاره بعض المتأخّرين من علماء أصول الفقه أيضا، لكن الجمهور من
المسلمين على خلافه، بل عن جماعة من الخاصّة و العامّة الإجماع على ذلك[3]
فتأمّل، بل ادعى الفقيه الأعظم شيخ المجتهدين صاحب الجواهر الضرورة المذهبية على
ذلك حيث قال في ردّ كلام الشهيد الثاني- و هو أي كلام الشهيد- من غرائب الكلام
المخالف لظاهر الشريعة و باطنها-: إذ من ضرورة المذهب عدم المعذورية في أصول الدين
التي منها الامامة ... و بالجملة لا يستاهل هذا الكلام ردّا؛ اذ هو