responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 38

إلّا ذلك؟ كيف ولو لا وجوب المعرفة شرعا لما وجب النظر فطرة، فإنّه نشأ من احتمال ترتّب العقاب على تركها، فلو كانت غير واجبة لم يطلبها النبي من الناس، فلم يتحقّق موضوع لزوم وجوب النظر و هو دفع الضرر، فإنّ ترك المعرفة إذن لا يستتبع عقابا و عذابا، فلم تحكم الفطرة بشي‌ء.

و لعلك تقول: إنّك قلت سابقا بامتناع وجوب المعرفة شرعا، فكيف تختاره هنا؟

لكننا نقول: الممتنع هو الوجوب الذي له داعوية نحو متعلقه و باعثية إلى المطلوب بلا توسّط حكم الفطرة بوجوب دفع الضرر، كما يزعمه الأشاعرة، و أمّا الوجوب الذي يتوسّطه الحكم المذكور فلا بأسبه. بيان ذلك: أن اللّه تعالى أوجب المعرفة على المكلّفين ثبوتا، فأمر نبيه بإبلاغه إلى الناس، و النبي يحذّر الناس بتركها و يهددهم عليه، و الابلاغ المذكور و إن لم يكن بحجّة على الناس أصلا كما دريت، إلّا أنه يولد احتمال الضرر في ذهنهم لإمكان صدقه، فيحكم الفطرة بدفع الضرر المذكور، و لا مدفع له إلّا النظر فيكون واجبا.

و يتلخص هذا البحث إلى أن المعرفة إن لم تكن واجبة لا يبقى موضوع للحكم الفطري المذكور، فالوجوب الشرعي ليس بلغو، و إن هذا الحكم الفطري إن لم يتوسط و لم ينجّز وجوب النظر لم يثبت الوجوب الشرعي كا دريت، فلا بد من اجتماعهما حتى يتمّ المقصود.

ثم إنّ الناظر إن أصاب فهو و إلّا فهو معذور لكن الحكم الشرعي بحاله لبطلان التصويب كما يأتي في محله ان شاء اللّه. هذا ما عندنا في هذا المقام، و اللّه ولي الاعتصام.

تطبيق‌

قال الباقر عليه السّلام- على ما في رواية زرارة-:

«ليس على الناس أن يعلموا حتى يكون اللّه هو المعلّم لهم، فإذا أعلمهم (علمهم) فعليهم أن يعلموا»[1].

أقول: انطباقه على مسلكنا واضح، فإن وجوب النظر و ان كان فطريا لكن تحقق موضوعه موقوف على إعلام اللّه سبحانه؛ ضرورة أن العقل لا يحتمل الضرر بترك المعرفة ابتداء.

و في رواية عبد الأعلى قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أصلحك اللّه هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال: لا. قلت: فهل كلّفوا المعرفة؟ قال: لا، على اللّه البيان‌ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[2] ...»[3].

أقول: أما صدر الرواية ففي معناه أخبار أخر، و سيأتي بحثها- و هو بحث معضل- في‌


[1] بحار الأنوار 5/ 222.

[2] البقرة 2/ 286.

[3] أصول الكافي 1/ 163.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست