اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 282
النقل و الحدوث
قد
قضى العقل بحدوث الممكنات قاطبة، و أن كلّ ممكن موجود لا بد من مسبوقيّته بالعدم
غير المجامع لوجوده، و أما الشرع فهو أيضا كذلك، و دلالته عليه من وجوه:
الأول:
دعوى اجماع الأنبياء و الأوصياء عليه، كما عن السيد الداماد قدّس سرّه في قبساته[1]،
و هو الظاهر من صاحب الأسفار أيضا.
أقول:
و هي محتاجة إلى علم الغيب؛ إذ لا طريق لنا إلى أن نبيّا من الأنبياء- سلام اللّه
عليهم- قال بحدوث العالم بالمعنى المتنازع فيه، فضلا عن إحراز اتّفاق جميعهم على
ذلك، مع أنه إن تمّ لدلّ على نفي العقول أيضا، و لا يلتزم به مدّعي الإجماع نفسه.
الثاني:
إجماع الملل الأربع عليه، و هم اليهود و النصارى و المجوس و المسلمون، ادّعاه جمع
من المتكلّمين، كالشهرستاني في كتاب نهاية الاقدام و صحّحه المحقّق الطوسي[2]،
و ادّعاه أيضا العلّامة الحلّي قدّس سرّه لكن على حدوث الأجسام فقط[3]
إلّا أن يقال: العقول غير ثابتة أو غير ممكنة عند المليين، و حدوث الأجسام هو حدوث
العالم. و ممّن ادّعاه أيضا العلّامة المجلسي و كذلك في المواقف و شرحها[4]،
و الإصبهاني في شرح طوالع الأنوار للبيضاوي (المسمى بمطالع الأنظار) و كذا غيرهم.
لكن
الجزم بهذه النسبة مشكل، بل غير ممكن، فإن المنقول عن اليهود أن الواجب في الجهة
كبقية الأجسام، و هو مماس للصفحة العليا من العرش و يجوز عليه الحركة و الانتقال و
تبدل الجهات[5]، أليس هذا
التزاما بقدم الجهة و العرش؟ و هذا هو مذهب محمد بن كرام من اهل السنة بعينه.
و
أما المجوس فمنهم من قال بالقدماء الخمسة، و هي: النفس و الخلأ و الزمان و الهيولى
و الواجب، و اختاره ابن زكريا الرازي؛ و منهم من قال بقدم النور و الظلمة، و منهم
من قال بقدم الباري و الشيطان، و منهم من قال بقدم الكواكب السبعة، و منهم من قال
بأزلية الطبائع