اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 276
و الثالث ممنوع؛ اذ الامتداد
الوهمي المذكور عدم بحت لا تأثير له في توليد المصلحة في طرف المفعول، فإن كان
أصلح فهو كذلك أزلا، فلا يقاس بالحوادث الزمانية التي يختلف صلاحها و فسادها
باختلاف الزمان.
و
الثاني يصعب قبوله؛ إذ بعد تمامية فاعلية الواجب و كونه علّة تامّة لا يتصوّر
تخلّف المعلول عنه، و قدماء الإمامية لم يثبت منهم تجويز هذا المعنى، و عبارة
المجلسي المتقدّمة أيضا غير ظاهرة حقّ الظهور في هذه النسبة إليهم، بل الظاهر منها
هو نفي الزمان الموهوم عنه تعالى، فلاحظ.
و
الأول أورد على بامتناع انتزاع الأمر التدريجي عن من هو بريء من التدرّج و
السيلان، اللهم إلا أن يقال: ان الوجهين المذكورين- الاول الثاني- و إن لم يكونا
بثابتين، لكنّهما يوجبان الاحتمال المنافي للدليل المتقدّم، فإذا جاء الاحتمال بطل
الاستدلال.
تحقيق
و تفنيد
هذا
الذي ذكره الفلاسفة و تشعّب المتكلّمون في جوابه إلى شعب مجرّد تلفيق لا واقع له
أصلا، بل السؤال المذكور فيه غلط لا مسرح له في المقام.
توضيح
ذلك: أن ما عنه التأثير على قسمين: الفاعل المختار و العلّة الموجبة، و الأول
كالحيوان؛ إذ له أن يفعل و له ان لا يفعل، و الثاني كالأسباب الطبيعية، و السؤال
المذكور في الدليل المزبور إنما يتمشّى على الثاني فإن المؤثّر الطبيعي إمّا تامّة
كالنار بالنسبة إلى الحرارة و الشمس بالنسبة إلى النهار، و إما ليس كذلك بل مقتض
له يتوقّف تنجّز أثره على شرط أو أمر آخر كالنار بالقياس إلى الإحراق و الشمس إلى
التسخين. و أما الفاعل المختار فمهما بلغ شوقه إلى إيجاد الفعل الملائم له فهو
متمكّن من الفعل و الترك، و لا يجب الفعل عنه أصلا، فإن الوجوب السابق باطل في
أفعاله، فالفعل موقوف على إعمال قدرته لا على شوقه.
اذا
تقرر ذلك فنقول: إنا قد قرّرنا سابقا أن اللّه تعالى ليس بعلّة موجبة بفتح الجيم،
و حقّقنا أيضا أن إرادته ليست هو علمه بالأصلح أو نفس ذاته ابتداء بلا رجوعها إلى
العلم، بل هي حادثة؛ فحينئذ له أن يفعل و له أن لا يفعل، و السؤال المذكور لا مجرى
له في حقّه تعالى كما عرفت، و لنا أن نختار كلّا من الشقين فنقول: إنه تعالى كان
مستجمعا لجميع شرائط التأثير، و علة تامة، بمعنى أنه غير محتاج إلى شيء بحيث إن
شاء لفعل، أو نقول: إنه ليس مستجمعا لشرائط التأثير، و ليس بعلّة تامة، و نعني به
أن الفعل غير صادر عنه؛ لأنه لم يرده و لا يمكن صدوره عنه اضطرارا و إيجابا.
فهذا
السؤال- بعد تمهيد الأصول السالفة الحقّة من اختياره تعالى و حدوث إرادته- ممّا لا
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 276