اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 266
الفريدة الثامنة في رضائه و
سخطه قد ثبت بالقرآن و السنة اتّصافه بالرضاء و الغضب
و السخط، و لا شك أن هذه من الصفات النفسانية الممتنعة على الواجب المجرّد عن
الجسم و لواحقه، و أما إرجاع الرضاء إلى الإرادة- و لا سيما إذا كانت من الصفات
الذاتية- فهو فاسد جدا كما مرّ، و الاستعمالات القرآنية لا تناسبه، و في بعض
الروايات: «شاء و أراد و لم يرض» إلّا أن يراد به في الرواية الرضا التشريعي.
و
الحاصل: أن المستفاد من الظواهر الشرعية كون هذه الصفات من الصفات الفعلية، و
حينئذ لا بدّ من العمل بالقاعدة الناطقة ب «خذ الغايات و اترك المبادئ» فيحتمل أن
رضاه ثوابه، و غضبه و سخطه، عقابه، كما تدلّ عليه الأخبار أيضا. و يمكن استعمالها
بمعنى إرادة الثواب و العقاب، بمعنى كتابتهما في اللوح أو في صحيفة أعماله. و هذا
المعنى محتمل قويا في جملة من موارد استعمالاته في الشريعة المقدسة.
ثم
إن الروايات الواردة في الباب ست[1] نذكر
إحداها و هي ما رواه ثقة الإسلام الكليني[2]
باسناده عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي سأل ابا عبد اللّه عليه السّلام
فكان من سؤاله أن قال له: فله رضاء و سخط؟ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «نعم و
لكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، و ذلك أن الرضا حال تدخل عليه فتنقله من
حال إلى حال؛ لأن المخلوق أجوف معتمل مركب، للأشياء فيه مدخل، و خالقنا لا مدخل
للأشياء فيه؛ لأنه واحد، واحدي الذات، واحدي المعنى فرضاه ثوابه و سخطه عقابه من
غير شيء يتداخله فيهيجه و ينقله من حال إلى حال؛ لأن ذلك من صفة المخلوقين
العاجزين المحتاجين. رضي اللّه عنّا و عنكم.