اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 253
الفريدة الخامسة في صدقه
تعالى
لا
شكّ في أنه صادق في كلامه و إخباره، فإن الكذب قبيح و هو ينافي حكمته البالغة
المبرهن عليها سالفا، فلا يصدر عنه الكذب بالضرورة.
ثم
إن الصدق و إن من نعوت الكلام باعتبار مطابقته للواقع، لكن مرادنا هو الأعم، و هو
عدم إغرائه غيره بخلاف الواقع سواء كان من ناحية التكلم أو من جهة الإلهام أو من
جانب النقش في اللوح أو من غيرها. فهو و إن كان قادرا على جميع القبائح إلا أنه لا
يفعلها البتة؛ لأنه حكيم كما عرفت.
و
هنا وجوه أخر استدلّ بها على هذا الوصف كما في كفاية الموحّدين و غيرها:
1-
لا داعي للكذب سوى العجز و الاضطرار المنفيين في حقّه تعالى فهو صادق.
أقول:
حصر الداعي فيما ذكر ممنوع، كما يظهر ممّا قلناه في حكمته تعالى، فهذا البيان ناقص
إلا أن يرجع إلى ما قرّرناه.
2-
لو جاز عليه الكذب لارتفع منه الوثوق و الاعتماد بوعده و وعيده؛ لاحتمال تخلّفه في
ثوابه و عقابه، و التالي مخالف لضرورة العقل فكذا المقدم.
أقول:
و هذا من قبيل إثبات العلّة بالمعلول ثبوتا و هو باطل جزما.
و
إن شئت فقل: إن الوثوق المذكور إنّما يحصل من أجل أنه صادق فلو عكس لجاء الدور
المحال.
هذا،
و لكن العضدي و الجرجاني و القوشجي نقلوا هذا الوجه عن المعتزلة بنحو آخر، و هو:
إن
في ارتفاع الوثوق عن إخباره تعالى بالثواب و العقاب و سائر ما أخبر به من الأحوال
الآخرة و الأولى، فوات مصالح لا تحصى، و الأصلح عليه واجب، فلا يجوز الاخلال به.
أقول:
وجوب الأصلح إن تمّ فهو لأجل محذور القبح كما يأتي، و هو يكفي لإثبات صدقه بلا
توسيط الوجوب المذكور.
3-
لو جاز عليه لانتفى فائدة الترغيب في الطاعات و الترغيب على المعاصي. و فيه ما
تقدم.
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 253