اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 247
ثم إن الكلام و إن دلّ على
التصوّر و التصديق، لكنها دلالة عقلية كدلالة كلّ فعل اختياري على مقدّماته،
فالأقوال و الأفعال من هذه الجهة سواء، فليست بوضعية فضلا عن كونها لفظية.
تعقيب
و تحقيق
الذي
يظهر من هؤلاء الناس أن معنى الأمر و النهي هو الطلب- أي طلب الفعل و طلب الترك-
القائم بالنفس المغاير للإرادة.
و
أمّا الأخبار فقال القوشجي[1]: و
الأشاعرة يدعون أن نسبة أحد طرفي الخبر قائمة بنفس المتكلم و مغايرة للعلم ... الخ
فيكون معنى الأخبار عندهم هو هذه النسبة.
أقول:
أما الطلب فهو عندي و عند جملة من أصحابنا الأصوليين المتأخرين مغاير للإرادة، كما
أشرنا إليه في أول الفريدة الثانية، فإن الإرادة بمعنى القصد و من النفسيات.
و
أما الطلب فهو بمعنى السعي نحو الشيء؛ و لذا يقال لمن عزم على تحصيل العلم و
لكنّه لم يحصله بعد: إنه مريد للعلم، و لا يقال: إنه طالب؛ إذ هو ما طلبه بعد فهو
من الأفعال، و منه ينقدح أنه ليس قائما بنفس المتكلّم فإنه فعل لا صفة.
فالذي
يدلّ على أنه غير الإرادة خلافا لجمع من أصحابنا و المعتزلة هو الذي يدلّ على أنه
غير قائم بالنفس، فلا يكون معنى للكلام النفسي في الأمر و النهي.
و
أيضا الأمر و النهي بنفسهما مصداقان للطلب لا أنهما وضعا لمعنى الطلب و هو موضوع
له لهما.
و
أما الأخبار فالمنسوب إلى العدلية[2] أنه دال على
ثبوت النسبة و عدمها، نعم خالف فيه بعضهم منهم سيدنا الأستاذ المحقق- دام ظله-
فذهب إلى أن معناه أمر آخر قرّرناه مع جوابه في أصول الفقه، فحينئذ يتّحد
المذهبان- أي: مذهب جمهور العدلية و مذهب الأشعرية- في ذلك مع أن النزاع بينهما
قائم أشد قيام، و إلى هذا ينظر ما حكى عن المحقق الرشتي قدّس سرّه في بدائعه من أن
الالتزام بالنسبة الحكمية التزام بالكلام النفسي.
أقول:
و التحقيق عدم الاتّحاد؛ و ذلك لأن لفظ النسبة يطلق على المعنيين:
أحدهما:
الصفة الموجودة النفسية في قبال سائر الصفات النفسانية، و هذه هي مراد الأشعرين، و
يجعلونها الكلام النفسي في الأخبار، و يزعمون قدمها في الواجب.
ثانيهما:
الأمر الاعتباري المحض الملحوظ للعقل بين المحمول و الموضوع الساري في