اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 240
بالإمكان الخاصّ.
و
أمّا ما صنعه المستدل من تفسير كلامه تعالى بالقدرة على إيجاد الألفاظ لا نفس
الألفاظ فإنها كلام بمعنى ما يتكلم به؛ و ذلك لأن الكلام من صفاته تعالى و صفاته
لا تكون حادثة[1]، فهو
تعسّف بلا جهة و لا فرق في كلام اللّه و غيره كما عرفت.
و
أما دليله فهو خلط بين صفاته الذاتية و الفعلية، فإنا و إن نصفه بالتكلّم و أنه
متكلّم إلّا أنه من صفات أفعاله كغيره من الأفعال، و هذا واضح جدا.
و
مثله في الضعف ما يظهر من المحقّق الطوسي قدّس سرّه في التجريد من أن عموم قدرته
يدلّ على ثبوت الكلام، فإن الكلام و إن كان مقدورا له إلّا أنه ليس كلّ مقدور بواقع
و موجود خارجا بالضرورة.
2-
عدم التكلّم ممن يصحّ اتّصافه به نقص و اتّصاف بأضداد الكلام، و هو محال على اللّه
تعالى. فإن نوقش في كونه نقصا سيما إذا كان مع قدرته على الكلام- كما في السكوت-
فلا خفاء في أن المتكلّم أكمل من غيره و يمتنع أن يكون المخلوق أكمل من خالقه.
ذكره القوشجي[2] دليلا
لقول المحقّق الطوسي في تجريده.
أقول:
بعد تخصيصه بما لا يزال و إلّا فهو واضح الفساد، يرد عليه منع النقص قطعا و عدم
اتّصافه بأضداده جزما؛ اذ تكلّمه إيجاد الصوت و نقيضه عدم الايجاد، و هذا ليس
بضدّ.
و
أما الخرس فهو في المخلوق دون الخالق المنزّه عن الجوارح، بل ضدّ التكلم فيه إيجاد
شيء آخر غير الصوت، و هو كمال له و منع أكملية المتكلّم من غيره، و إلّا لزم
استمرار إيجاده الاصوات إلى الابد! أو أكملية مخلوقه منه من هذه الجهة حين عدم
إيجاده الصوت و تكلّمهم.
و
بالجملة هذا الوجه ضعيف جدا لمنع جميع مقدماته، و منه انقدح بطلان ما استدلّ به
الفاضل الطبرسي[3] من أن
التكلم كمال لفعله فعدمه نقص له، و النقص بجميع أنحائه محال عليه؛ إذ فيه أن إيجاد
الصوت ممّا لا كمال فيه بحيث يعدّ عدمه نقصا، أي قبيحا كما هو الظاهر.
3-
اللطف واجب على اللّه الحكيم سواء فسّر ببيان المصلحة و المفسدة، أو بتقريب المكلف
إلى الطاعة و إبعاده عن المعصية، و هو لا يمكن إلّا بإنزال الكتب و إرسال الرسل، و
إنزال الكتب موقوف على التكلّم بما يعرفه المخاطب من الكلام، فوجب عليه التكلّم
عقلا.[4]