responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 230

الفريدة الثالثة في حكمته‌

الحكمة ربّما تفسّر بالعلم بالأشياء على ما هي عليه، و حيث إنّا قد أسلفنا القول في علمه تعالى فلا نبحث عنها بهذا المعنى. و ربّما تفسر بإصدار الأشياء و ابداعها على أكمل ما ينبغي أن يصدر، و هذا المعنى هو المقصود في هذا المبحث. و الانصاف أنه أشرف من أكثر المسائل، و مع ذلك قد تسامح فيه الكلاميون و لم يبحثوا عنه حقّ البحث.

و كيف ما كان، و الذي يدلّ على إثبات حكمته بهذا المعنى و أنه لا يفعل إلّا ما هو أكمل الوجوه الممكنة و أفضلها، وجوه:

الأول: إنّه تعالى عالم بجميع جهات الفعل المحسنة و المقبحة، و قادر على إيجاده بأيّ وجه شاء، و ليس له حاجة و شهوة بشي‌ء أصلا، فلا مانع و لا رادع له من إتيانه أبدا، فإذا فرض دوران الأمر بين إيجاد شي‌ء عليه وجه أكمل و أسدّ ممكن و إيجاده على وجه كامل فضلا عن ناقص، فلا شكّ في اختياره تعالى الجانب الأول بالضرورة، ألا ترى أنا معاشر العقلاء في مفروض المثال نختار إيجاد الشي‌ء على النحو الأكمل فالأكمل بطبيعة عقولنا و خميرة فطرتنا بلا تردد و توقّف، فما علمك بالواجب المتعالي عن النقصان، المتكامل ذاتا بكل الكمال؟

فإن قلت: فكيف هؤلاء العقلاء الذين يختارون اللذات الآنية و الشهوات الدنية و يؤثرونها على الأنعام الدائمية و الآلاء العظيمة؟ و كيف يرجّحون مقتضى الشهوية و الغضبية على العاقلة؟

و غضب الخالق على رضاه؟

قلت: المختار لهذه الأمور حين اختياره لا محالة يرى أرجحية فعلها من تركها و إلّا لما فعلها، فالجاني- لضعف عقله و غلبة شهوته أو غضبه- يعتقد في ذلك الحين أن جريمته أرجح من تركها، فيرتكبها و لا دخل لمفسدتها الواقعية في اختياره هذا، و اعتقاده الأرجحية كما لا يخفى، فهذا السؤال غير متوجّه إلى المقام، فإن الإقدام على القبيح إمّا من جهة الجهل أو الغفلة عن حقيقة الحال أو من جهة مزاحمة الداعي، و محل الكلام فرض انتفاء الجميع، و إن شئت فقل: إنّ اختيار الناقص بل الكامل على لأكمل في مفروض المثال ترجيح المرجوح على الراجح، و هو ممتنع عقلا.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست