responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 203

القدماء الذي يقول به الأشعريون و هو فاسد يقينا، و إن كانت حادثة فإمّا في غير محل و إمّا في محل هو غيره تعالى، فهو باطل كما لا يخفى.

و إن كانت حالّة فيه تعالى لزم كونه محلّا للحوادث، و هو ممتنع كما سندلل عليه، فبطلان هذه الشقوق يعيّن المطلوب.

أقول: إرادته الحادثة قائمة به تعالى قياما صدوريا لا قياما حلوليا، و سيأتي بيان توضيح أقسام القيام في مبحث التكلم إن شاء اللّه.

و بالجملة: المليون بأسرهم يقولون بفاعليته تعالى، و أنه فعّال و كلّ فعل قائم بفاعله، و ليس هذا من الحلول و كونه تعالى محلّا للحادثات بشي‌ء، و الإرادة ليست إلّا نفس الإيجاد، و هذا واضح.

كيف يؤثّر العلم؟

الذي يدور عليه هذا القول و يقوم به هو كون علمه تعالى فعليا، فإذا ثبت ذلك فقد تمّ المطلوب، و لا بدّ من تسليم أن إرادته هي علمه بنظام الخير و الألح، و إلا فالمصير إلى القول الثالث متعيّن.

فنقول: الذي نتعقّله من مفهوم العلم هو ما به انكشاف الأشياء و جلاؤها عند العقل، و أما كونه ذا تأثير فليس ببين، فلا بدّ من تبيينه بالبرهان، و إني كلّما تصفّحت مظانّه لم أجد منهم دليلا على ذلك أصلا، لا في مباحث الأعراض و لا في مبحث أقسام الفاعل و لا في الالهيات، سوى أمثلة ذكروها مثل علم المهندس، فإنه يتصوّر البناء أولا ثم يوجده على وفق علمه، فهذا العلم فعلي إذ المعلوم تابع له دون العكس كما في الانفعالي.

قال في الأسفار: و لا استبعاد في كون العلم نفسه سببا لصدور الأشياء و وجودها، كالماشي على جدار دقيق العرض إذا تصوّر السقوط يسقط بتصوّره، و عدّ من هذا القبيل تأثير بعض النفوس بالهمّة و الوهم، و كذا إصابة العين التي علم تأثيرها بإخبار الوحي و السنة، من قوله تعالى: و إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر[1]، و من قوله صلّى اللّه عليه و اله:

«العين تدخل الرجل القبر و الجمل القدر»

. و إذا جاز أن يكون العلم الضعيف البشري مؤثرا في وجود المعلوم فأولى أن يجوز ذلك في العلم الأزلي لمنشئ العالم من العدم الصرف. انتهى.

و الإنصاف أنّ ذلك منهم عجيب! يفرّعون جملة من البحوث المهمّة في الإلهيات على أصل من الأصول المهمّة العقلية الاعتقادية و لا يقدرون على إثباته، فيكتفون بذكر مثال و استشهاد


[1] القلم 68/ 51.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست