اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 190
العالم فيبطلان ببطلان لازمها،
و العجب من الصدوق فإنّه مع اعتقاده بحدوث العالم فسّر حياته تعالى- و هي من صفاته
الذاتية- بما يلزم قدم العالم. و بالجملة لا بدّ ان يقول إمّا بقدم العالم أو
بحدوث الحياة، و كلا الأمرين باطل عنده.
و
أما القول الأول فاتّصافه بالعلم و القدرة إنّما يستكشف عن وجوده تعالى و أنه
موجود غير معدوم لا عن حياته، فإنّها لا تكون شرطا للعلم و القدرة مطلقا كما لا
يخفى.
فالانصاف
أنّه لم يتّضح لنا معنى الحياة الواردة في حقّه تعالى شرعا، نعم لو قلنا بأن معنى
الحياة في الحيوان يتمّ بإدراك و فعل كما ادّعاه صاحب الأسفار لكان القول الثالث
حقا، و حينئذ يمكن إثباته عقلا بقاعدة الملازمة المتقدّمة لكن على نحو لا يستلزم
قدم العالم، إلّا أنه غير ظاهر.
و
يمكن أن يقال: إن هذه الصفة حيث وردت في الكتاب و السنة الملقيين على عامة الناس
حسب عقولهم، أريد بها ما هو متفاهم عندهم فلا يكون معناها بمجمل، فيكون حياته
بمعنى أنه يتمكّن من الفعل و أنّه يمكن أن يصدر منه آثاره اختيارا و ليس كالميت
حيث لا أثر له، أو بمعنى انه م وجود غير معدوم و اللّه العالم.
و
أعلم أن الحياة على أقسام حياة الإنسان، و حياة الحيوان و لعلّها على درجات: حياة
الملائكة، و حياة الجن، حياة الموجودات الحية في المجرّات و السماوات و لعلّها على
أقسام متباينة، و هناك أقسام آخر للحياة كحياة الخلايا، و حياة أعضاء البدن و حياة
الشعر و غيرها، كما ذكرها الطب الجديد و نقلتها في كتابنا «الفقه و مسائل طبية»
الذي ألّفناه بعد أكثر من أربعين عاما أو أكثر من تأليف هذا الكتاب و نحن لا نعرف
حقيقة حياة هذه المخلوقات، بل لا نعلم حقيقة حياتنا إلّا بمقدار أنها حصلت من
تعلّق الروح بالبدن تعلّقا تدبيريا، و أمّا حقيقة حياتنا فهي مجهولة لنا إلّا
بآثارها من التغذية و النمو و الحسّ و الحركة و الإدراك و التكاثر و نحو ذلك، كما
بيّنت في علم الإحياء الحديث (البايولوجيا)، فكيف نحيط بحياته تعالى، حتى نعرّفها
في الكلام و الفلسفة! و الأقوى ردّ جميع الأقوال المذكورة في الكتاب و غيره و
التوقّف في معرفتها و إنّ المذكورات، من آثار الحياة لا عينها؟؟؟ و لا من لوازمها[1].
إلحاق
و إتمام
قد
برهنّا- إلى الآن- على وجوده و وجوبه و قدرته و اختياره و بصره و سمعه و حياته.
و
لكن يرجع اختياره إلى قدرته، و أما سمعه و بصره فقد مرّ أنهما من أفراد علمه أو من
توابعه،
[1] ذكرنا هذه الزيادة عند طبع الكتاب مرّة ثالثة في
سنة 1385 ه. ق- 1427 ه. ق.
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 190