اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 19
الفائدة الثالثة في بيان
الأدلّة
المسائل
اليقينية إما ضرورات أو نظريات منتهية إليها قطعا. و الضروريات المذكورة ست:
منها:
الأوليات: و هي ما لا يتوقف إدراكه لعى شيء زائد من تصوّر طرفيه و إن كان هذا
التصور كسبيا كقولنا: الممكن محتاج، و تسمى بالبديهيات أيضا.
و
منها: الحسيات: و هي ما يحكم العقل به بواسطة إحدى الحواس فإن كانت ظاهرة تسمّى
المشاهدات، و إن كانت باطنة- و هي الحس المشترك (بنطاسيا) و الخيال، و الواهمة، و
الحافظة- تسمى الوجدانيات[1]، و فيها
يدخل ما تدركه النفس لا بتوسط الآلات، مثل شعورنا بذاتنا و بصفاتنا النفسية كالخوف
و السرور و الحزن و الجوع و الشبع و نظائرها.
قال
المحقق اللاهيجي في بحث أعراض الشوارق: و يدخل في المشاهدات الباطنية:
الوهميات
التي جعلها بعضهم قسما سابعا، و ذلك ما يحكم به الوهم في المحسوسات فيصدّقه العقل
في ذلك، نحو كلّ جسم فهو في جهة. و لا يكون جسم واحد في مكانين، فإن العقل يصدّق
الوهم في أحكامه على المحسوسات لا على المجرّدات و المعقولات، كحكمه بأن كلّ موجود
في جهة أو مكان ... الخ.
و
منها: المتواترات: و هي ما يحكم العقل به لكثرة أخبار المخبرين، بحيث يزول معها الشك و
الاحتمال بتواطؤ المخبرين على الكذب. ثم إن إفادة التواتر اليقين موقوفة على امور:
1-
كون المخبر عنه أمرا محسوسا؛ إذ لو كان أمرا حدسيا لما حصل اليقين منه لاحتمال خطأ
الجميع في حدسهم كخطأ الفرد، و هذا بخلاف الحسّيات حيث إن وضوحها ينفي هذا
الاحتمال. و خالف فيه الفارابي[2] فذكر أنه
لا حجّة أقوى من اجتماع الآراء على شيء واحد، بل هو ظاهر جماعة من المتكلّمين حيث
استدلّوا على إثبات الصانع بإجماع الأنبياء و العقلاء،
[1] قيل: الفرق بين الوجدان- بكسر الواو- و الوجدان-
بضمّها-: أن الأوّل يطلق على القوّة المدركة، و الثاني على إدراكها. و قيل:
المتداول إطلاق كلّ منهما على كلّ من المعنيين.