responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 152

و شدّة الابهام و نهاية الاهمال، كما اعترف به اللاهجي أيضا حيث قال: بعد ما اختار هذا المسلك و بيّنه تحت عنوان «تكميل عرشي»: و هذا هو المراد من كون ذاته تعالى علما إجماليا بالأشياء و عقلا بسيطا لها على ما حصلناه من كلام الشيخ ... إلى أن قال: فبالاضطرار لزم القول بالعقل التفصيلي المحقّق بحصول صور المهيات في العاقل متميّزة بعضها عن بعض و عن الوجود في علمه تعالى بالأشياء، و هذان العلمان هما المشار إليهما بالكلّ الأول و الكلّ الثاني في كلام الفارابي في الفصوص‌[1] ... الخ فهذا المسلك أيضا غير مفيد.

هداية

بعد ما بطل هذان المسلكان و لم يتمّا، فلا تتمنّ الوصول إلى الواقع عن بقيّة المسالك الدائرة في بيان علمه بالأشياء أزلا، و كيفية تعلقه بها: «چون نديدند حقيقت ره افسانه زدند»، فالذي ينبغي أن يقال في هذا المقام: إنّا قد برهنّا سابقا على أنّ فعل الفاعل المختار مسبوق بالعلم بالضرورة، فإذن نعلم أن الذي خلق هذه الكائنات المختلفة المتعدّدة المتكثرة عالم قطعا، و إنّما خلق ما خلق عن علم سابق على خلقته بالضرورة العقلية، فقد ثبت أنه تعالى كان عالما قبل فعله و خلقه بما يفعله و يخلقه ولو بلحظة ثبوتا بتّيا ضروريا عقلا، بحيث لا يمسّه شك، فإذا أمكن العلم قبل المعلوم ولو بلحظة فقد أمكن قبله ولو بملايين السنين؛ بداهة عدم تأثير قصر المدّة و طولها في الحكم العقلي من الإمكان و الامتناع؛ لأنّ الشي‌ء إن كان ممكنا فهو ممكن أزلا و أبدا، و إن كان ممتنعا فهو ممتنع كذلك، و لا يعقل انقلاب الجهات الثلاث عقلا و اتّفاقا فإذن نستيقن أن العلم بالأشياء قبل كونها ولو بقليل ثابت، و بكثير ممكن، و قد دريت أن ما أمكن في حقّه، و لم يمتنع عليه فهو واجب له، فنستنتج أنه تعالى عالم بجميع الأشياء تفصيلا في الأزل.

و لك أن تحصّل النتيجة المذكورة من دون توسيط قاعدة الملازمة المزبورة بأن تقول:

حيث إنّه تعالى فاعل مختار، فهو عالم بفعله قبل فعله كما مر، و حينئذ نسأل عن حين حدوث هذا العلم؟ و أنه في أي جزء من الزمان أو غيره حدث؟ فأي جزء اختير فيه حدوث علمه فهو ترجيح بلا مرجّح بل ترجّح بلا مرجح، و هو ضروري الاستحالة؛ أو يقال: إنّ العلم عين ذاته كما يأتي برهانه في المقصد الرابع، فلا يمكن القول بحدوثه فيما لا يزال، بل وجب الإذعان بثبوته فيما لم يزل.

و حاصل هذه الطرق الثلاثة- أي قاعدة الملازمة، و حديث الترجّح بلا مرجّح، و قانون العينية- أن جميع ما يصدر عن الخلّاق الحكيم المختار، و ما سيصدر عنه تعالى إلى الأبد فهو


[1] الشوارق 2/ 251.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست