اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 116
دل؛ لأن الفياضية لازم النور، و
هذا النور عين المشيّة و الشعور»[1].
أقول:
و سيأتي أن المشيّة ليست عين وجوده، على أن الاستدلال أيضا غير واضح، فهذا الوجه
أيضا غير تام عندنا.
لا
يقال: القادر على الفعل قادر على الترك، و إلا كان موجبا؛ ضرورة تساوي القدرة إلى
الطرفين، لكن العدم غير مقدور؛ لأنه أزلى و لأنه نفي محض لا يصلح لأن يكون أثرا.
فإنّه
يقال: القادر هو الذي يمكنه أن يفعل و أن لا يفعل، لا ان يفعل العدم، و أما أزلية
العدم فهي لا تنافي القدرة؛ لأن استمراره بيد القادر. و الشبهة سخيفة جدا؛ لأنها
تبطل القدرة مطلقا، مع أنها وجدانية و محسوسة في الحيوان.
الناحية
الثانية: في كيفية القدرة و تفسيرها
و
هذه مسألة هامّة جدا، و قد أصبحت من أهم معارك الآراء الفلسفية و الأنظار
الكلامية، و التضارب فيها شديد جدا بحيث نسب طائفة إلى الجهل و الضلال، و ابتلي
فرقة بالتكفير و التفسيق.
و
تصوير النزاع في هذه المسألة: أنّ الواجب الوجود هل يتمكن من ترك الفعل أو لا؟ و
إن شئت فقل: ان ما يصد عنه هل هو واجب منه أم لا؟ بل يمكنه الترك و الفعل معا، فلا
وجوب للفعل منه، و إنّما الوجوب بعد تعلّق إرادته، فإن الشيء ما لم يجب لم يوجد.
و
بكلمة أوضح بيانا: لا شك عند الموحدين أنّ اللّه مختار في خلقه و فعله، لكن هل
اختياره من سنخ اختيار الحيوان الذي هو بمعنى له أن يفعل و له أن لا يفعل، ام لا
بل هو من سنخ آخر؟
المتكلّمون
على الأول، و الفلاسفة على الثاني؛ و حيث إنّ البحث عنه مهم جدا نبدأ بنقل ما
أفاده الباحثون من الطرفين فيها حتى تتّضح المسألة المذكورة حقّ وضوحها، و لنكن
حين الاستدلال و الاختيار على بصيرة تامّة من أمرنا.
فنقول:
قال الفيلسوف الشهير في أسفاره[2]: إن
للقدرة تعريفين مشهورين:
احدهما:
صحّة الفعل و مقابلة أعني الترك.
و
ثانيهما: كون الفاعل في ذاته بحيث إنّ شاء فعل و إن لم يشأ لم يفعل.
و
التفسير الأول للمتكلمين و الثاني للفلاسفة، و من المتأخّرين من ذهب إلى أن
المعنيين