responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 102

النظام الكامل يقتضي على علّية المادة

و لئن اغمضنا النظر عن جميع ما تقدّم من تزييف مبدئية المادة للعالم، لكان نظام الخلقة، و اتقان الطبيعة أحسن شاهد و أقوى كاشف عن وجود المبدأ العليم المريد الحكيم، و قد ظلت العلوم الطبيعية تكشف لنا أسرار الكون، و عجائب الخلقة، و دقائق الصنع بما يندهش منه العقول، أفليس هذا العالم البديع المنظم- بكراته السامية و شموسه المضيئة و ميكروباته الصغيرة، و موجوداته الحية، و نباتاته النامية، و جماداته المتنوعة، و ما أودع في كلّ منها من الحكمة و الدقّة- دليلا على وجود المعبود الواجب القديم المجرد؟ أليست قبة واحدة تحكي عن بنّاء عالم بقانون العمارة و البناء؟ أيمكن أن يقال: إنّ طائرة واحدة طارت إلى السماء بلا سائق أو مدبّر؟ و هكذا، فاذا دلّت ماكنة صغيرة على فاعلها الشاعر، فكيف لا يدلّ هذا النظام البهي الجميل على علم فاعله؟!

و هذه الدلالة ضرورية بديهية لا يمكن لذي شعور إنكارها، فكما لا يمكن ان يصير الجاهل البدوي مدرّسا في العلوم المختلفة بلا تعلم، فكذا المادة لا تكون خلاقة لهذا النظام الكامل التام، بل هو يكشف عن وجود مدبر عالم حكيم و هو اللّه تعالى. و هذا- لمكان بداهته و شدّة جلائه و ارتكازه في النفوس الانسانية- لا يحتاج إلى زيادة بيان و كثرة إيضاح فضلا عن توسيط برهان حساب الاحتمالات الذي ابتكره بلز پاسكال عام 1654 م و قبله عنه غيره، هذا مع أنه غير تام عندي في نفسه.

و على الجملة: من شك في هذا الدليل فقد خرج عن الفطرة السلمية الإنسانية، و القرآن الحكيم في جملة من آياته المباركة قد نبّه الإنسان من هذا الطريق على معرفة ربّه فقال: و إذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا و ما الرحمن أ نسجد لما تأمرنا و زادهم نفورا* تبارك الذي جعل في السماء بروجا و جعل فيها سراجا و قمرا منيرا* و هو الذي جعل الليل و النهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا[1] و قال: هو الذي جعل لكم الليل لباسا و النوم سباتا


[1] الفرقان 25/ 59- 62.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست