responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من قضايا النهضة الحسينية أسئلة وحوارات المؤلف : فوزي آل سيف    الجزء : 1  صفحة : 293

فكيف يكون في المأتم ما هو حرام؟

الجواب: يظهر أن السائل الكريم قد (أفتى) بالحرمة!! اعتماداً على فكرة مسلمة عنده وليست مسلمة عند الفقهاء وهي أن (صوت المرأة عورة). فرتب آثاراً بناءً على ما ليس بصحيح.

ويبدو أن الفكرة المذكورة متأثرة بما هو مألوف وخاطئ في مجتمعنا ، واعتبار ما يصدر عنها أنه واقع في دائرة الفتنة والحرمة بالضرورة وليس كذلك. وهو يعبر عن الأزمة التي يعيشها البعض في نظرته إلى المرأة، فلا هو يستطيع أن يخرج من (تراثه الاجتماعي) الذي يهضمها حقها، و لا هو يستطيع أن يتقبل السعة التي أعطتها الشريعة لدور المرأة([1]).

وسوف نحاول في السطور القادمة أن نبين أن:

ـ صوت المرأة ليس بعورة محرمة:

فمع أن هذه الفكرة منتشرة ومشهورة بين الناس إلا أنها لا نصيب لها من الصحة.

قد قرر علماؤنا([2]) هذا الأمر اعتماداً على جملة من الأدلة، بعدما لم يكن دليل صالح للقول بأنه عورة إذ لا يوجد خبر عن أهل البيت عليهم السلام بهذا النص ولو كان ضعيفاً([3]).


[1] للتفصيل يراجع كتاب: نساء حول أهل البيت عليهم السلام، للمؤلف.

[2] قال السيد اليزدي رحمه الله في العروة الوثقى: "يجوز سلام الأجنبي على الأجنبية وبالعكس على الأقوى إذا لم يكن هناك ريبة أو خوف فتنة، حيث إن صوت المرأة من حيث هو ليس عورة". انتهى.. ولم يعلق على المتن أحد من العلماء مما يعني موافقتهم له (بالطبع السلام هنا لا يعني المصافحة حتى لا يشتبه الأمر على البعض!).

[3] نعم قد ورد في كلمات بعض الفقهاء المتقدمين كـ(المحقق الحلي في الشرائع) عند الاستدلال على أنه لا يجوز للأعمى سماع صوت المرأة لأنه عورة، وعورض هذا الاستدلال عند المتأخرين بأنه لم يقم دليل على التعليل، وأنه حمل على ما لو كان بتغنج ومسبباً للإثارة الشهوانية. والعلامة الحلي في مختلف الشيعة في مسألة أذان المرأة للرجال معلقاً على قول شيخ الطائفة في المبسوط أنه لو أذّنت المرأة للرجال اعتدوا به وأقاموا، قال: الوجه المنع؛ لأن صوتها عورة. لكنه قطع في التذكرة بأن التحريم مشروط بصورة التلذّذ أو خوف الفتنة. والمحقق الكركي في جامع المقاصد في مسألة الأذان أيضاً واستدل كالعلامة. لكنه قيده في ج12 بأنه عورة يحرم استماعه مع خوف الفتنة لا بدونه، واستشكل الشهيد الثاني في المسالك في إطلاق الحكم اوشموله لغير صورة التلذذ (لما في ذلك من الحرج والضرر المنفي، ولعدم دليل صالح عليه، وكون صوتها عورة لا يدل على التحريم مطلقاً) واستجود اشتراط تحريم الاستماع بالتلذّذ أو خوف الفتنة.

وقال المحقق البحراني في الحدائق: "المشهور بين الأصحاب تحريم سماع صوت المرأة الأجنبية، مبصراً كان السامع أو أعمى، وإطلاق كلامهم شامل، لما أوجب السماع، التلذّذ والفتنة أم لا، ولا يخلو من إشكال، لما علم من الأخبار المتكاثرة، من كلام النساء مع الأئمة عليهم السلام، وسؤالهن عن الأحكام، بل غير ذلك أيضاً، وسيما كلام فاطمة عليها السلام مع الصحابة، كسلمان وأبي ذر والمقداد، وخروجها للمطالبة بميراثها في المسجد من أبي بكر، وحضور جملة من الصحابة يومئذٍ، وإتيانها بتلك الخطبة الطويلة المتفق على نقلها، بروايات الخاصة والعامة، أشهر من أن ينكر، مع أنها معصومة ومن المعلوم أن خروجها إنما يكون بإذن أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا كله، مما يدفع ما ذكروه. نعم لا بأس بتخصيص الحكم، بما إذا أوجب التلذّذ والفتنة، وعليه يحمل ما أوهم خلاف ما ذكرناه".

وقال صاحب الجواهر بعد أن تعرض إلى ما ذكره المحقق في متن الشرائع، وغيره من العلماء في أن صوتها على الأعمى والمبصر عورة ولا يجوز لهما استماعه وما يمكن أن يكون دليلاً على ذلك، قال: "لكن ذلك كله مشكل بالسيرة المستمرة في الإعصار والأمصار من العلماء والمتدينين وغيرهم على خلاف ذلك، وبالمتواتر أو المعلوم مما ورد من كلام الزهراء وبناتها عليها وعليهن السلام، ومن مخاطبة النساء للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام على وجه لا يمكن إحصاؤه ولا تنزيله على الاضطرار لدِين أو دنيا، بل قوله تعالى: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} دال على خلاف ذلك أيضاً، ولعله لذا وغيره صرح جماعة كـ(الكركي والفاضل) في المحكي عن تذكرته وغيرهما ممن تأخر عنه كـ(المجلسي) وغيره بالجواز، بل بملاحظة ذلك يحصل للفقيه القطع بالجواز فضلاً عن ملاحظة أحوالهم في ذلك الزمان، من كونهم أهل بادية، وتقام المآتم والأعراس وغيرها فيما بينهم، ولا زالت الرجال منهم مختلطة مع النساء في المعاملات والمخاطبات وغيرها. نعم ينبغي للمتدينة منهن اجتناب إسماع الصوت الذي فيه تهييج للسامع وتحسينه وترقيقه حسبما أومأ إليه الله تعالى شأنه بقوله: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} إلى آخره، كما أنه ينبغي للمتدينين ترك سماع صوت الشابة الذي هو مثار الفتنة حسبما أومأ إليه أمير المؤمنين عليه السلام في تعليم الناس فيما رواه عنه الصدوق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسلم على النساء ويرددن عليه، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلم على النساء ويكره أن يسلم على الشابة منهن، ويقول: أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ من الإثم أكثر مما أطلب من الأجر".. إلى آخر ما ذكره. وورد أن: "النساء عي وعورة فاستروا عيهن بالسكوت واستروا عوراتهن بالبيوت".

اسم الکتاب : من قضايا النهضة الحسينية أسئلة وحوارات المؤلف : فوزي آل سيف    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست